بقلم : سليمان جودة
إلى يوم مصرعه فى حادث الطائرة، كان يفجينى بريجوجين، قائد مجموعة فاجنر الروسية العسكرية الخاصة، يملأ الدنيا ويشغل الناس، ولكنه بعدها صار شيئًا من الماضى، وأصبح السؤال الآن عن مستقبل المجموعة.. لا مستقبله هو.
ففى مرحلة ما بعد التمرد الذى قاده ضد الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فى ٢٤ يونيو، كان السؤال عما إذا كان له مستقبل؟.. وقد جاء حادث الطائرة الذى سيضاف للأحداث المشابهة، ليقدم إجابة نهائية للسؤال ويسدل الستار على الرجل.
ولا ينافس الحادث فى غموضه، إلا غموض مستقبل المجموعة ذاتها، والسبب الذى لم تبرزه وسائل الإعلام أن يفجينى لم يذهب إلى العالم الآخر وحده، ولكنه اصطحب معه ديمترى أوتكين، الرجل الثانى فى قيادة المجموعة، الذى كان يرافقه على الطائرة ذاتها.
فالطبيعى بعد رحيل قائد المجموعة فى حالة كهذه أن يحل فى مكانه الرجل الثانى، ولكن المشكلة أن الرجل الثانى قد غاب معه، فأصبحت فاجنر بعناصرها كلها موضع تساؤل كبير وأمام مجهول أكبر، بعد أن كانت تصول وتجول فى ميادين القتال.
كانت المجموعة هى ذراع بوتين الخفية، التى ينفذ بها ما يستحى هو أن ينفذه بيديه من مهام وأعمال، وكان الرئيس الروسى ينفى أى علاقة للدولة الروسية بالمجموعة، ولكن الصور التى كانت تجمعه بالقائد الصريع كانت تقول غير ذلك، وكانت تقول إن وجود عناصر المجموعة فى عدد من دول القارة السمراء يحظى بموافقة الكرملين، ومباركته، ورضاه.
ولكن التمرد الذى لايزال غامضًا هو الآخر فى تفاصيله، قد جاء فى حينه ليرسم مسارًا جديدًا للمجموعة كلها، ولم يشفع للقائد الراحل أنه ظهر فى فيديو قبل مصرعه بساعات، وهو يقول من داخل دولة إفريقية إنه يعمل من أجل عظمة روسيا.
وعندما وقع انقلاب النيجر قبل شهر، راح يفجينى يعرض خدماته على السلطة النيجرية الجديدة، وكان هذا مما يصادف هوىً سياسيًا لدى بوتين.. ولكن حتى هذه لم تشفع له فى حادث الطائرة التى ارتفعت ظُهر الأربعاء ٢٣ أغسطس إلى ٨٥٠٠ متر فى سماء موسكو، ثم انقطعت الاتصالات بها بعد إقلاعها بتسع دقائق.
حادث الطائرة الروسية من الأحداث التى تقع، ثم تبقى مفتوحة مدى الزمان، لأن الفاعل فيها لا يكون معلومًا للناس على وجه الدقة، ولأن القتيل فيها يذهب ويأخذ معه اسم القاتل إلى هناك.