بقلم: سليمان جودة
هل من الواجب أن نفرق بين الساسة الأمريكيين الذين يحكمون أو الذين يسعون إلى الحكم، وبين عموم الأمريكيين فى أنحاء الولايات المتحدة؟
هل من الواجب أن نفعل ذلك، ونحن نتابع ما يقال عن المنكوبين فى قطاع غزة على لسان جو بايدن وإدارته مرة، ثم على لسان المنافس دونالد ترامب مرةً ثانية؟.. أعتقد ذلك لسببين أولهما أن التعميم خطأ فى الإجمال، وثانيهما أن الموقف المتجرد من كل ما هو إنسانى من جانب بايدن أو ترامب، ليس بالضرورة هو موقف الأمريكى العادى الذى لا سلطة عنده يستخدمها ولا نفوذ لديه يمارسه.
أقول هذا الكلام وأنا أتابع ما قاله ترامب فى لقاء انتخابى له مع مؤيديه فى ويسكنسن شمال البلاد يوم الأربعاء أول مايو.. فمما قاله أن مشهد هجوم الشرطة على الطلبة الرافضين للحرب على غزة فى جامعة كولومبيا الأمريكية كان بالنسبة له مشهدًا ممتعًا!.
إننا أمام رجل كان يستمتع بهجوم الشرطة على الطلاب الذين خرجوا يعبرون عن رأيهم الرافض للحرب، وقد فعلوا ذلك فى كولومبيا وفى عشرات الجامعات الأمريكية الأخرى، ولم يكونوا بالمناسبة ضد اليهود فى العموم، ولكنهم كانوا ضد ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية من إجرام فى حق الأطفال والنساء والمدنيين فى القطاع.
ولكن ترامب لا يعنيه هذا كله، بل إنه وجد متعة فى ضرب الطلاب على يد الشرطة، ومن المحزن أن يكون هذا هو رأى رجل يقاتل ليصبح على رأس الولايات المتحدة.. وإذا كان هذا هو رأيه وهو لايزال مرشحًا، فماذا سيفعل عندما يدخل البيت الأبيض؟
ولا يختلف عنه بايدن فى شىء.. فمن أيام كان قد اتصل ببنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ليبلغه أن واشنطن ملتزمة بأمن الدولة العبرية.. ولا جديد فى هذا طبعًا، لأن الذين سبقوه الى المكتب البيضاوى أعلنوا نفس الالتزام.
أعتقد أن الناخب الأمريكى الحُر يتابع كل هذه التفاصيل، بينما لسان حاله يقول إن هؤلاء ساسة أصغر من أمريكا التى عشنا نعرفها ويعرفها العالم.. أمريكا التى تضع تمثال الحرية على مدخل نيويورك.. أمريكا التى أسسها الآباء الستة على مبادئ فيها الحد الأدنى مما هو أخلاقى أو إنسانى.. أمريكا التى كانت وربما لا تزال حلمًا لكثيرين ممن يرغبون فى العيش الهانئ.
لا شك أن أمريكيين كثيرين يرون بايدن أصغر من أمريكا، وكذلك يرون ترامب المنافس، ويتمنون لو يخرج من بينهم مرشح ثالث يزيح الاثنين.