بقلم: سليمان جودة
يجمع بين موزمبيق وزامبيا وأنجولا أنها تقع فى شرق وجنوب القارة السمراء، ويجمع بينها أيضًا أنها أعضاء فى مجموعة «الكوميسا» التى تضم دول جنوب وشرق القارة كلها.
والدول الثلاث التى بدأ الرئيس زيارة لها، تتجاور فى شكل شريط عرضى على خريطة إفريقيا، وتمتد إلى جوار بعضها البعض من الشرق إلى الغرب فى موقعها على الخريطة.
ومنذ فترة لا تهتم القوى الكبرى فى العالم بقارة من قارات الدنيا الست كما تهتم بالقارة السمراء، وكانت الصين هى الأسبق إلى القارة، ومن بعدها جاءت روسيا، ثم جاء الأمريكان من بعد الروس والصينيين.. وفى أيام الرئيس ترامب كان مستشاره للأمن القومى جون بولتون قد عقد مؤتمرًا صحفيًا يقول فيه إن بلاده وضعت استراتيجية تحاصر بها الوجود الروسى والصينى بين الأفارقة.
وليس أدل على شدة السباق إلى قارتنا من حديث وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، فى أثناء زيارة له الى الخرطوم قبل أيام من اشتعال حربها الحالية، عن أنه لما زارها وجد فيها ستة من المبعوثين الدوليين ينتظرونه على أرضها، وكان تفسيره لوجودهم يومها أن الغرب يلاحق روسيا فى كل مكان تذهب إليه.
وفى كل وقت كانت القاهرة تعرف أن لها انتماءً عربيًا تدور فيه سياستها الخارجية، وأن هذا لا يُنسيها أن لها انتماءً آخر هو الانتماء الإفريقى، ولا أن لها انتماءً ثالثًا هو الانتماء إلى عالمها الإسلامى الممتد من إندونيسيا فى أقصى الشرق إلى موريتانيا والسنغال فى أقصى الغرب.. وفيما بين هذه الدوائر الثلاث من الانتماء كانت السياسة الخارجية تتحرك وتسعى.
وكان هناك دائمًا مَنْ يضيف دائرة رابعة تربطنا بالعالم الغربى، وكانت هذه الدائرة هى الانتماء المتوسطى، وكانت إطلالتنا التى تمتد لألف كيلومتر على البحر المتوسط ترتب هذا الانتماء، ثم تفرض علينا أن يكون ميدانًا للحركة والتفاعل بالتوازى مع الحركة فى الميادين الثلاثة الأخرى.. فهذا البحر الذى يصل عرضه بين شاطئيه الجنوبى العربى الإفريقى والشمالى الأوربى إلى ٥٠٠ كيلومتر، هو مساحة للاتصال لا للبعد ولا للانفصال عما يجرى فى أوروبا وفيما وراءها.
وعندما يذهب رأس الدولة المصرية إلى هذه الدول الثلاث فهو يؤسس لأشياء تسبق الزيارة وتلحق بها، وفى الحالتين نتواجد حيث يجب، ونصل إلى حيث يجب ألا نغيب.