بقلم - سليمان جودة
لا يغيب عن المتابع لما يجرى فى منطقتنا أن روسيا غائبة عن الحضور فى قضية الحرب على غزة، وأن الصين تشاركها هذا الغياب.
وفى وقت سابق كان وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، قد جاء يزور السودان، وكان قد قال وهو يغادرها إنه وجد ستة مسؤولين أوروبيين قد سبقوه إلى الخرطوم أو توافدوا من بعده، وكان قد تساءل عن السبب الذى يجعل الأمريكيين والأوروبيين يلاحقون بلاده فى كل مكان تذهب إليه هكذا؟.
لكنه من بعدها غاب تماما أو كاد، ولا حضور له فى المنطقة منذ أن أطلقت إسرائيل حربها المتوحشة على غزة، ولا وجود لروسيا يتناسب مع ما تقوله عن وجودها فى القلب من قضايا العالم الساخنة.. وعندما زار الرئيس الروسى بوتين العاصمة الصينية بكين فى ١٦ مايو، كانت هذه هى زيارته الخارجية الأولى بعد بدء ولايته الرئاسية الجديدة أول الشهر.
وحين تقرأ تفاصيل البيان الختامى للزيارة بعد لقائه مع الرئيس الصينى شى جينبينج، تلاحظ أنه لا حديث عن الحرب فى غزة، وبالتالى لا حضور للروس ولا للصينيين، وأن كل ما تكلم عنه الرئيسان فى البيان أنه لابد من حل للقضية فى فلسطين على أساس مبدأ حل الدولتين.. وهذا كلام تقوله أى دولة وأى عاصمة ولا جديد فيه.
ولا تعرف منذ متى قررت موسكو الاستقالة تقريبا من الحضور فى ملف غزة الذى يهز العالم على مستوى الشوارع والجامعات؟ ولا تعرف منذ متى قررت بكين الإقدام على الاستقالة نفسها؟.. إننا لا نذكر آخر مرة كان فيها وزير الخارجية الروسى هنا بيننا، ولا آخر مرة كان فيها وزير الخارجية الصينى هنا بيننا أيضا، ونرى فى المقابل أن أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، لا يغادر المنطقة إلا ليعود إليها من جديد.
فهل جرى من وراء الستار ما أدى إلى أن تغمض الولايات المتحدة عينيها قليلا عن الحرب فى أوكرانيا، فى مقابل ألا تحضر روسيا فى الشرق الأوسط، أو فى الحرب على غزة بالذات؟.. ربما.. وهل جرى شىء مشابه مع الصينيين فى ملف أو أكثر ببن الأمريكيين والصينيين؟.. هذا شىء وارد وترجحه الشواهد.
الغياب الروسى الصينى واضح ويرسم فى الأفق أكثر من علامة استفهام، والمشكلة أن غيابهما جعل واشنطن تنفرد بالملف، وجعل الأداء السياسى لإدارة بايدن على ما نراه من الرداءة والهبوط.. والانفراد الأمريكى فى المقابل جعل الأمريكيين يمارسون لعبتهم المفضلة فى تجريب كل طريق خطأ قبل المضى فى الطريق الصحيح