بقلم: سليمان جودة
جرت العادة على أن يكون وزير الخارجية الجديد، قد خدم سفيرًا فى الولايات المتحدة الأمريكية، أو فى روسيا، أو فى البلدين معًا.. أو أن يكون قد عمل مندوبًا دائمًا لنا ورئيسًا لبعثتنا فى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك.
ولو أنت راجعت السيرة الذاتية لوزراء الخارجية على مدى سنين، فسوف تجد أن هذه المواصفات أو المؤهلات كانت تمثل قاعدة ثابتة أو ما يشبه القاعدة الثابتة، وأنها كانت حاضرة فى السيرة العملية لدى كل وزير منهم، وأنها لم تكن غائبة إلا فى حالات قليلة.
وسوف تنضم حالة السفير بدر عبد العاطى إلى هذه الحالات القليلة النادرة.. فلقد أصبح الرجل وزيرًا للخارجية دون أن يكون قد خدم سفيرًا فى واشنطن أو فى موسكو.. قد يكون قد عمل دبلوماسيًا فى الولايات المتحدة كما تقول سيرته المهنية المنشورة، ولكنى أتحدث عن موقع السفير تحديدًا، لا عن مواقع دبلوماسية أقل من درجة السفير.
كان الوزير عبد العاطى سفيرًا فى برلين، ومن بعدها كان سفيرًا فى بروكسل حيث مقر الاتحاد الأوروبى، ومن العاصمة البلجيكية جاء وزيرًا.. وفيما بين بروكسل وبرلين كان قد شعل مواقع أخرى فى الوزارة وفى سفاراتنا المختلفة.
السؤال هو كالتالى: هل مجىء الرجل له صلة بالتطور الحاصل فى علاقاتنا بالاتحاد؟.. إننا نذكر أن أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، كانت قد جاءت تزور القاهرة فى مارس، وأنها كانت قد جاءت وبرفقتها خمسة من الساسة فى القارة الأوروبية، وكان ذلك فى مشهد مصرى أوروبى كبير أدهش كثيرين ولفت الانتباه ولا نزال نذكره.. وقبل تشكيل الحكومة الجديدة بثلاثة أيام كانت رئيسة المفوضية نفسها تزور قاهرة المعز من جديد، وكانت قد جاءت تفتتح مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى، وكانت قد جاءت فى المرة الثانية وبرفقتها وفد أوروبى كبير أيضًا، ولكنه كان ذا طابع اقتصادى أكثر منه سياسيًا كما كان فى مارس.
فى المرتين كان الوزير عبد العاطى سفيرًا فى بروكسل حيث مكتب رئيسة المفوضية، وفى المرتين كان لا بد حاضرًا فى الترتيبات وفى الزيارات وفى تهيئة الأجواء.. وإذا كان لهذا من معنى، فهو أن بروكسل دخلت على الخط تنازع واشنطن وموسكو على مستوى الخلفية العملية لوزير الخارجية.. وعندما تكلم الرئيس فى افتتاح المؤتمر المصرى الأوروبى، قال إن المؤتمر ينقل تعهدات زيارة الساسة الأوروبيين فى مارس من دائرة الكلام إلى مربع الفعل.
سوف يكون علينا أن نراقب إيقاع العلاقة مع بروكسل، بالقياس على إيقاع العلاقة نفسها مع واشنطن ومع موسكو، وبالطبع مع سواهما من عواصم صناعة القرار فى العالم.. سوف يكون علينا أن نراقب ونتابع لنفهم ونرى.