بقلم: سليمان جودة
أعتقد أن مصر كانت واضحة بما يكفى وهى تخاطب القمة العربية الإسلامية المشتركة التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض.
كانت واضحة لأن الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسى لم تشأ أن تختزل قضية فلسطين في قطاع غزة فقط، وإنما وضعت العالم أمام مسؤوليته عن معاناة شعب فلسطينى بكامله.
صحيح أن الكلمة دعَت إلى وقف فورى لإطلاق النار في غزة دون قيد أو شرط، وأنها طالبت المجتمع الدولى بأن يتخذ موقفًا جادًّا إزاء ما يجرى في القطاع، وأنها رأت أنه لا بديل عن تحقيق دولى في انتهاكات القانون الدولى تجاه الغزاويين.. صحيح هذا كله.. ولكن الأصح منه أنها توقفت أمام معاناة شعب بأكمله من القتل، ومن الحصار، ومن الممارسات اللا إنسانية.
فالمعاناة شاملة للشعب الفلسطينى، وليست سياسة العقاب الجماعى التي تمارسها حكومة بنيامين نتنياهو مع المدنيين في قطاع غزة سوى عنوان لما يجده الفلسطينيون جميعًا في حياتهم، ولا فرق بعد ذلك بين أن يكون الفلسطينى من بين أبناء القطاع، أو يكون من أبناء الضفة الغربية على حدود الأردن.
وربما نسى العالم، أو تناسى، أن إسرائيل عندما تحدثت عن تهجير للفلسطينيين، لم تفعل ذلك مع أبناء غزة وحدهم، ولكنها قالت إن التهجير يشمل أبناء الضفة أيضًا، وإن تهجيرهم يمكن أن يكون إلى الأردن.. وهو ما ردت عليه عمان على الفور، وقالت بأوضح لغة إن أمرًا كهذا ستعتبره الحكومة الأردنية بمثابة إعلان حرب.
وقد أفاقت تل أبيب لاحقًا، واكتشفت أن التهجير الذي تتكلم عنه نوع من الخيال، وأنه غير ممكن بالمرة وبكل الحسابات، سواء كان في غزة أو في الضفة، ولأنها اكتشفت ذلك، فإنها بدأت تتحدث مع كفيلها في واشنطن عما يمكن أن يكون عليه شكل الحكم في القطاع في مرحلة ما بعد توقف الحرب.. وبدأ الكفيل الأمريكى يتحدث عن أن مسألة التهجير غير مقبولة لأنها غير ممكنة.. وكان هذا المعنى في صُلب كلمة مصر أمام القمة المشتركة.
الحديث من الآن فلاحقًا لا بد أن يجعل القضية هي الأساس لأن غزة بكل ما واجهته وتواجهه هي تعبير عن انشغال العالم عن القضية ذاتها، وعن حلها الذي لا بديل عنه، ولم يكن هجوم السابع من أكتوبر الماضى سوى إنذار هز الدنيا لتنتبه.. وعندما أطلقت كتائب القسام عليه اسم «طوفان الأقصى» كانت تقصد أن الأمر ليس أمر غزة وحدها، ولكنه أمر قضية بكل أركانها.