من رأى الوروار

من رأى الوروار؟

من رأى الوروار؟

 عمان اليوم -

من رأى الوروار

بقلم: إنعام كجه جي

خلال سنوات عمله الطويلة كجرّاح تجميل، أجرى الدكتور فلان مئات العمليات التي حاول أن يرضي فيها زبائنه، وبالأخص زبوناته، دون أن ينساق إلى طلبات متطرفة تخالف القسم الطبي الذي أدّاه عند تخرجه، أو تتعارض مع نظرته الواقعية للجمال. وبحكم وجوده في بلد محتل مضطرب سياسياً، كثير النزاعات والمواجهات، فقد أتيح للدكتور فلان أن يكتسب خبرة في معالجة الأجساد المعطوبة ومختلف أنواع التشوهات. ممارسة يومية على الساخن، قد لا تتوفّر لزملاء في التخصص ذاته يقيمون في بلاد مستريحة.

حين تقرأ اللافتة المرفوعة فوق عيادته، تجد أنه كتب تحت اسمه: «جرّاح ترميم وتقويم». لعلّه يجد في هذا التوصيف ما يتجاوز فعل التجميل ويرفع من خطورة مهمته. لن يكون طبيباً لمتبطرين، فحسب، لا يشكون من علّة حقيقية، بل منقذ لحياة تعرضت لكسور ورصاص وحرائق.

واجه الجراح الكثير من الحالات الصعبة. نجح في تحقيق نتائج باهرة. يخرج من عملية ويدخل أخرى. صار اسمه مرجعاً في ميدانه. لكنه لم يتصوّر في أي وقت من الأوقات أنه سيخضع لذلك الاختبار الغريب. تجربة تشبه ما كان قد شاهده في فيلم أجنبي قبل سنوات. غير أن واقعه اليومي ليس سينما.

جاءه استدعاء من جهة أمنية عليا. لم يقلقه الأمر فقد اعتاد أن تقصده عائلات الحاكمين والمتنفذين. سواء لتجميل أنف ابنة رئيس أو شدّ وجه زوجة وزير. لكن الطلب هذه المرة تركه ساهراً ليلتين، يفكّر ويقلّب الأمر على وجوهه ويحسب النتائج. المطلوب منه أن يشتغل على ملامح الزعيم بحيث يجعل منه صورة أخرى، شخصاً لا تتعرف عليه أعين العدو الراصدة.

لا أحد يعرف أين هو الزعيم. وهو لم يلتق به. شاهده على الشاشة وفي الصور التي تنشرها الصحف. رجل دوّخ خصومه بحيث أصبح المطلوب رقم واحد في المنطقة. كان ماهراً في التنكر والتنقل. لذلك أطلق أنصاره عليه لقب طير الوروار. يلمحه الصياد على تلك الشجرة ويصوّب نحوه البندقية لكنه يطير إلى غصن أبعد قبل انطلاق الرصاصة.

تردد الطبيب وطلب مهلة فقالوا له إن المهمة مستعجلة. كانت أمراً وليست رجاء. أبلغوه أنه سيقوم بعمل وطني كبير يخدم قضية شعبه. والشرط الأساس هو الكتمان. لا كلام مع الزوجة في المخدع ولا هذيان في الأحلام. لن يعرف بالأمر سوى شخصين وهو ثالثهما. أي تسريب بعد العملية يعني نهايته.

صباح العملية، التقى الطبيب بالزعيم في وكر مجهّز مسبقاً. تم التعارف تحت الأرض. درس الجرّاح الملامح الصارمة وحدد النقاط التي سيتولى تحويرها. الفك. الحاجبان. عظمة الخدين. الأنف وخط الشعر. وبعد أسبوعين كان الزعيم لا يشبه نفسه. وهو قد يموت ذات يوم تحت القصف أو ميتة ربّه. لكن العدو لن يبتهج بانتصاره ويعلن أنه تخلّص من الوروار.

 

omantoday

GMT 19:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 19:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 19:53 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 19:52 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 19:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 19:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 19:48 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 19:47 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من رأى الوروار من رأى الوروار



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab