بقلم : إنعام كجه جي
ظننته يسخر مني حين قال إن الممثل الأميركي يول براينر كان من زبائنه. كيف يكون من زبائنك وهو أصلع بلا شعرة واحدة وأنت حلاق؟ نظر لي مستنكراً وألقى علي موعظة في فنون حلاقة الصلعة والاعتناء بها لامعة ملساء على الدوام.
ومحدثي هو ميشيل كارو. يسمونه حلاق الكبار. كان مديراً لصالون الحلاقة الموجود في فندق «هيلتون» في باريس، أيام عز ذلك الفندق. هناك تعرف على مشاهير السياسة والفن. وعندما افتتح صالونه الخاص، خلف البرلمان الفرنسي، صار حلاقاً للنواب. يحرص على ألا يعطي موعداً متقاربا بين نائب من أحزاب اليمين وآخر من أحزاب اليسار. يمكنهما أن يختلفا تحت القبة. فإذا تشاجرا عنده تكسرت المرايا.
والحلاق القدير، أي المزين، مهنة معتبرة في هذي البلاد. مثلها مثل الطباخ والخياط والمُدلك أو المُدلكة. وميشيل كارو يعلق على جدار صالونه صورته وهو يتلقى وسام الاستحقاق الفرنسي من وزير الاقتصاد. وهناك صورة ثانية نراه فيها يمزح مع وزير الداخلية الأسبق جان بيير شوفينمان ويمد له يديه طالباً أن يضع فيهما القيود. إن الوزير من زبائنه. ولقب وزير الداخلية: «الشرطي الأول في فرنسا». ما هيبة الشرطي من دون كلبشات؟ ولما أصيب شوفينمان بحادث صحي عارض ومكث فترة في المستشفى العسكري، أرسل يستدعيه لكي يحلق له شعره.