بقلم : إنعام كجه جي
تمنى الزوجان جيل وجو بايدن الشفاء من «كورونا» للزوجين ميلانيا ودونالد ترمب. الجائحة لا تفسد للود قضية. لا يصلح المرض مناسبة للتشفّي. لكن كثيراً من «الفسابكة» والمغردين لم يلتزموا حدود الأدب. وكان بينهم معلق ظريف تمنى لو تتعافى ميلانيا، وحدها.
أين الأدب وقد رأينا مناظرة بين ترمب وبايدن تشبه صراع ديَكة أو عركة بين ضرتين. تنابز الرجلان بالألقاب دونما أي حرج. فلماذا يتحرج المعلقون؟
الكلام هنا ليس عن ميلانيا التي لا تحب الكلام. بل عن جيل، زوجة الخصم. كانت قد تعرفت على جو بايدن في واحد من تلك اللقاءات التي يسمونها في الغرب «المواعيد العمياء». تقليعة راجت في سبعينات القرن الماضي، تقضي بأن يرتب الأصدقاء لقاء بين شاب وشابة من دون معرفة سابقة. الهدف أن يوافق شنّ طبقه. وهي قد ذهبت إلى الموعد الأعمى مرتدية قميصاً صيفياً وسروالاً عريض النهايات، وفق موضة تلك السنوات. وفوجئت به يرتدي بدلة رسمية مع ربطة عنق ويشتغل نائباً. وقد سرى التيار بينهما. كان أرمل له ولدان نجيا من حادث سيارة أودى بزوجته وطفلته. وكانت هي مطلقة بعد زواج وجيز من لاعب كرة القدم في فريق الجامعة.
طلبها للزواج خمس مرات وكانت تماطل. حلمت جيل ترايسي جاكوبز بأن تكون أمّاً لا زوجة أب. لكنها وجدت في بايدن فرصتها لإطلاق طاقاتها الكامنة. وذات مساء من عام 1975 هاتفت والدتها وقالت لها بأنَّها عثرت، أخيراً، على رجل جدير بالثقة. توطدت المعرفة بينهما وبعد الموعد الأعمى تكررت المواعيد المبصرة. تزوجا بعد سنتين في الكنيسة الصغيرة لمبنى الأمم المتحدة في نيويورك.
من بعيد، تبدو مسز بايدن شخصية اجتماعية لا تخلو من جموح. وهي مثل عموم الأميركيين والأميركيات، اعتمدت على نفسها منذ سن المراهقة وتقدمت على مراحل. كانت تنقطع عن الدراسة بسبب الظروف ثم تعود لتواصل. درست الفنون والآداب، ثم التربية، وتخصصت في تعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي سن الخامسة والستين نالت الشهادة الأعلى وأصبحت أستاذة جامعية. سمّت نفسها «دكتورة ب» ولم يعرف طلابها من يكون زوجها.
لم تحب جيل بايدن الرئيس بوش الابن. أيَّد زوجها الحرب على العراق وعارضتها. وبعد إعادة انتخاب بوش رئيساً شجَّعت زوجها على العمل ضد الرئيس المنتخب. قطعت ولاية «أيوا» على دراجة هوائية مرتدية ثوباً يحمل شعار زوجها المرشح الديمقراطي. لكنها لم تصبح سيدة أميركا الأولى. فاز أوباما بالرئاسة وكان بايدن نائباً له. ولثماني سنوات لعبت جيل دور السيدة الثانية. واليوم، وهي على أعتاب السبعين، تخوض مع زوجها معركتها الأشرس ضد البلدوزر ترمب.
«جيل وجو». مثل عنوان لفيلم عاطفي عاشا سوية لخمسة وأربعين عاماً. يقول زوجها إنها قنبلة قادرة على نسف خصمها. ولعلها لو ترشحت للانتخابات لغطّت عليه. رأيناها كيف تصدّت لجماعة هاجمت المرشح بايدن وهو يلقي خطاباً على المنصة. رفعت ساعديها جداراً بينه وبينهم ودفعتهم بعيداً. كانت أشجع من حراسه الشخصيين. وبعد أسابيع قلائل، قد تدخل البيت الأبيض منتصرة ظافرة. وفي حال الفوز، ستكون أول زوجة لرئيس أميركي تحمل «الدكتوراه». وقد وعدت بألا تترك التدريس. ستكون السيدة الأميركية الأولى العاملة.