ضربة قمر

ضربة قمر

ضربة قمر

 عمان اليوم -

ضربة قمر

بقلم:سمير عطا الله

في المصائب الكبرى يتوحد البشر عفوياً وفي سرعة هائلة. يصبح العنوان الأهم واحداً في جميع أنحاء العالم، في جميع نشرات الأخبار. تلغى الأخبار العادية وتثرى ببرقيات ومواقف الدعم والمساعدة، وتعلّق المخاصمات، وتتكاتف النفوس الكريمة، وتصبح هوية الإنسان واحدة، لا بشرة تحدها، ولا عرق، ولا جهة.


والخوف، يوحدها الخوف، الجميع يتساوى في الرعب من المجهول المحتمل. وفي العجز أمام الخطر الرهيب. ويضرع كل إنسان إلى أن يبعد المشهد عنه وعن أهله ودياره. ويتمنى المرتعدون أن يكون موتهم سريعاً بدل أن تكون نجاتهم شللاً وعذاباً طويلاً. وكم يعظم وصف المتنبي: «كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً»!

لحظات وإذا الأرض قد زُلزلت زلزالها، وبيوت الطوب الضعيفة وقد هرّت، والموت وقد انتشر. ويتولى الناجون إحصاء الأحباء الذين أصبحوا عدداً مرشحاً للارتفاع. وتكاثرت الجنازات الصغيرة على عجل. وفي إحداها يحمل نحو 20 شاباً رفيقهم في كفن، وفي نهايتها واحد يحمل رفشاً، هو كل ما يملك في لحظة النخوة والمروءة.

الناس في الخارج تحب المغرب. تحبه بلداً وشعباً وأريافاً وطيبى. لذلك كان الحزن أشمل وأعمق. وبدت البيوت المتساقطة على بعضها في الجبال العاصية، مثل لوحة حزينة لعشوائية الأقدار ونزق الطبيعة. بعدما تحل الكارثة يكثر المحللون. وتستعاد الأساطير. ويبذل العلماء جهودهم. وها هم ينقسمون: فريق يقول إن سبب الزلزال في جبال الحوز هو حركة القمر، وفريق آخر يقول إنه لا علاقة للنزهات القمرية بهذا الغضب المريع في باطن الأرض. ويتقدم الفريق الأول باحث هولندي يدعى فرانك غوتسبرغ، كان قد تكهّن بزلزال تركيا وسوريا. والأرجح أننا أمام حالة مشابهة لوباء «كورونا» في أشهره الأولى، عندما ازدحم المفسرون، يتقدمهم الرئيس يومها، دونالد ترمب.

عندما يجلس المرء في الشمس لفترة طويلة، يقال أصيب بـ«ضربة شمس». وحسب الباحث الهولندي، فإنَّ مرور القمر بدراً في منطقة مراكش جعلها تصاب بـ«ضربة قمر». مؤسف قدر الدول الواقعة على خطوط الزلازل. وكثيرون يذكرون يوم فجّر زلزال مدينة أغادير وقتل 14000 نفس، وترك 35 ألفاً دون مأوى. أين كان القمر يومها؟

بعد وقوع الكارثة يصبح الأهم كيفية التخفيف من آثارها. ولا تعود تلك مسؤولية وطنية، بل قومية وعالمية. وقد سارعت الجزائر إلى الإعلان عن استعدادها لفتح الأجواء أمام الطيران المدني المغربي «لأسباب إنسانية». من كثرة جهلي بحركة الطيران المدني في العالم العربي، لم يكن يخطر في بالي يوماً أن تقدم الدول على حظر الطيران في أجوائها لأسباب سياسية، وأنه من أجل فتحها لا بد من حدث في أهمية زلزال. أو بالأحرى لم أكن أصدق.

كيف يبدو الحديث عن «وحدة عربية»، أو إقليمية، أو مغاربية؟ عشنا عقوداً من الخطب والتهجمات على الدول «الرجعية النفطية»؛ لأنها تحارب الوحدة. والنتيجة أن الوحدة، أو الاتحاد، لم يعش إلا في تلك الدول.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضربة قمر ضربة قمر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab