حقاً عاقّة

حقاً عاقّة

حقاً عاقّة

 عمان اليوم -

حقاً عاقّة

بقلم:سمير عطا الله

وُصِفَت الصحافة بأنها «المهنة العاقَّة» لأن شقاءها طويل وشهرتها قصيرة. وفي ذلك شيء من الصدق. والفارق بين نجومية الأدب، على أنواعها، ونجومية الصحافة، أن الأولى تبقى مع السنين، والأخرى تزول مع الأيام. سوف أسارع إلى إعطاء الأمثلة: نجيب محفوظ، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وأحمد شوقي، وأحمد رامي.

في المقابل: مَن يذكر مَن كان رئيس تحرير «الأهرام» بعد هيكل؟ مَن كان جلال الدين الحمامصي؟ مَن كان رئيس تحرير «النهار» بعد أنسي الحاج. مَن مِن خارج أهل المهنة يعرف عملاقها سعيد فريحة؟

ليست هذه علّة في الصحافة العربية وحدها. من المؤكد أن القليلين جداً من الفرنسيين يعرفون من هو أوبير بوف ماري، مؤسس الـ«لوموند». ومن هو فرنسوا مورياك أقرب الكتّاب إلى ديغول. وأنا أقرأ «التايمس» منذ عقود، ولم أهتم يوماً بمعرفة من هو رئيس تحريرها. والأميركيون نسوا، إلا في المناهج الدراسية المحدودة، من هو والتر ليبمان «صحافي القرن الأميركي».

الصحافة حدث. والحدث قصير النفس. ما إن يتلفظه الصحافي حتى يهرب منه. رواية مكتوبة على عَجَل، بينما الرواية الأدبية إبداع متمهل. القصيدة برق دائم. القصة القصيرة رحلة في أعماق النفس. الصحافة صناعة اللحظة. لا يمكنك أن تعرف إن كنت أمامها أم وراءها. كعامل في هذه المهنة، لا أزال أقرأ محمد التابعي مثل تلميذ مبتدئ. وما زلت أبحث عن سر البريق عند مصطفى وعلي أمين. وكنت أتمتع بقراءة فتحي غانم مهما كتب، وأشعر بالبركة وأنا أقرأ أحمد بهاء الدين. ولا يمكن أن يمر يوم من دون أن أقرأ أنيس منصور. لولا الكتب التي تركها هؤلاء السادة، لما بقي شيء من افتتاحياتهم وأعمدتهم وزواياهم.

دفعني إلى كتابة هذا المقال الذي ذكرت فيه جميع الصحافيين وأنا أقرأ كتاب «خارج الموضوع» للزميل الأستاذ سليم نصار. في الكتاب فصل عن الأستاذ الكبير أميل خوري، المصري - اللبناني المذهل الذي فضّله سعد زغلول، وصادفه ستالين، وكان أهم مراسلي «الأهرام» في الحرب العالمية الثانية: تحصلتُ على كتاب «الأستاذ الكبير» الوحيد «آثار أقدام». لم أقرأ بالعربية شيئاً مماثلاً لأحد. لكن أين هو أميل خوري. في الصحافة المصرية أو اللبنانية اليوم؟ مَن يعرفه؟ مَن يدرس أعماله في المناهج؟ لقد ذهب مع الأحداث الرجل الذي كان سعد زغلول يصرّ على أن يكتب أحداثه. في هذا المعنى، هي حقاً عاقّة.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقاً عاقّة حقاً عاقّة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:15 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab