كم أبصرنا في عماه

كم أبصرنا في عماه

كم أبصرنا في عماه

 عمان اليوم -

كم أبصرنا في عماه

بقلم:سمير عطا الله

ماذا تقول في مرور مائة عام على غياب سيد درويش، ونصف قرن على غياب طه حسين؟ مصر تحتفل؟ مصر تتذكر؟ يقول الشاعر عبد الوهاب محمد في «فكروني»: «فكروني ازاي هو انا نسيتك»؟ هل يمكن أن يمر يوم من دون أن تذكر مصر أو تتذكر أو تسمع؟ سيد درويش يفتح صباح النيل بأغنية بديع خيري «الحلوة دي قامت تعجن في البدرية»، أو «يا ماريا، يا مسوسحة القبطان والبحرية».

ولكن ماذا يجمع موسيقار الأغنية الشعبية بعميد الأدب العربي المعاصر، كي نحتفي بهما معاً؟ يجمع بينهما ما سمّاه عالم الاجتماع جمال حمدان، «شخصية مصر» و«عبقرية المكان». عبقرية عابرة للقرون. بعد مائة عام يحيا سيد درويش سعيداً في أغانيه. العشرات، وربما المئات من الأناشيد والأدوار والطقاطيق والمسرحيات و«الحلوة دي قامت تعجن في البدرية».

والضرير الأزهري الصعيدي الذي بلغ جامعة السوربون وعاد منها بالدكتوراه عن الضرير الأول، أبو العلاء المعرّي. أما ذلك الضرير طه، فقد عبر قرنين ولا يزال يملأ مصر، بفيض عزيمته العظمى، عشرات المؤلّفات في الرواية، وفي المحاضرة، وفي المسرح، وفي النقد، وفي السيرة، وأستاذاً جامعياً وعميد عمداء الجامعات، وكاشفاً غطاء الاستعارات، ومسافراً في البلدان تهوي به المراكب. كل ذلك وطه، أو «صاحبنا»، كما كان يشير إلى نفسه، كل ذلك وطه ضرير منذ الرابعة من العمر. وأما الآخر، الذي أنشأ فولكلوراً كاملاً بمفرده، فكم كان عمره يوم غاب؟ 31 عاماً. إذن، اسمح لي بالسؤال: هل تكرر سيد درويش؟ هل تكرر طه حسين؟ كم أديباً وكم ملحناً أعطت مصر وكم طه وكم سيد بينهم؟

ما هذه الغزارة الإعجازية؟ ما هذا الجمال؟ ما هذا الطرب؟ ما هذا الذي يغني «للعربجية» و«الغرسونات» و«بياعين اللبن» و«التحفجية» (الحشاشين)، ثم يمضي عن 31 عاماً؟

وأنت يا عزيزي وسيدي العميد، أنت وروائعك: «دعاء الكروان»، و«شجرة البؤس»، و«الأيام»، و«رحلة الربيع». والأثر بعد الأثر. والمبارزة بعد المبارزة. وأنت أعمى. لم يشاهدك أحدٌ من دون ربطة عنق. من دون أناقة تامة كأنك في حفل للرائين. لم يسمعك أحد تستخف بمخارج الألفاظ. لم يأت أحد بما أتيت في «حديث الأربعاء». ذلك الدرس الأسبوعي الذي فاق (تعبيرك المفضل) جميع دروسك الجامعية.

البعض يعبر من عصر إلى عصر. من قرن إلى قرن. واحد لأنه عبقري الأغنية الشعبية، وواحد لأنه عبقري النخبة في كنوز الأدب. في كل مكتبة عربية عامة أو خاصة، جناح لطه حسين. وفي كل مقهى شعبي صوت يتكرر منذ مائة سنة، مُفرحاً، مُبهجاً، ملوناً بساطة الحياة: الحلوة دي ... في البدرية.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كم أبصرنا في عماه كم أبصرنا في عماه



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab