مسكين صانع السلام

مسكين صانع السلام

مسكين صانع السلام

 عمان اليوم -

مسكين صانع السلام

بقلم : سمير عطا الله

 كان فيليب حبيب دبلوماسياً أميركياً من أب وأم لبنانيين. وقد ورث عنهما، أو عن واحد منهما، كل الأمائر اللبنانية القادمة من القرى: الوجه الضخم والجبين العريض والجسم الممتلئ أغذية الجبال. جاء فيليب حبيب إلى لبنان مبعوثاً خاصاً من رونالد ريغان في نهاية الحرب الأهلية. وعندما عاد إلى واشنطن، ترك لنا وللدبلوماسية كتاباً جميلاً عن تجربته الصعبة وضع له أحد أجمل العناوين المعبّرة: «ملعون صانع السلام».
كنت قد تعرفت إلى «الخال فيليب» (كل مغترب لبناني في أميركا، خال) أوائل السبعينات في باريس عندما كان المفاوض الأميركي في سلام فيتنام. ولم تكن في حاجة إلى موعد، أو وساطة، لرؤية الخال فيليب. كل ما كان عليك أن تذهب إلى المطعم اللبناني في باريس عند العشاء (كانت المطاعم اللبنانية لا تزال بعدد أصابع اليد الواحدة) وترى الخال فيليب قد سبقك إلى هناك، وطلب لنفسه صحن حمص وصحن مشاوي. وكان يخيّل إليّ من منظر الخال فيليب (وبعض الظن إثم) أن ذلك لم يكن العشاء الوحيد.
كان فيليب حبيب لبنانياً تقليدياً إلى حدٍ بعيد، وأميركياً تقليدياً إلى حدٍ بعيد: بساطة خارقة تخفي قوة شخصية كبيرة. وبتلك البساطة كان يمخر عباب القضايا الأكثر تعقيداً بمهارة فائقة. ولن تعرف كيف كان نهار صاحب العشاء البسيط إلا عندما تقرأ ما كتب عن الإبحار في عالم الحروب والعنف.
لم يخطر لي وأنا أتابع أحداث أميركا سوى فيليب حبيب وعنوانه «ملعون صانع السلام». كم هي أميركا المشتعلة في حاجة إلى وسيط يشبه في هدوئه القطب المتجمد الشمالي أو الجنوبي. عندما يكون هناك حريق في هذا الحجم، أنت في حاجة إلى من يصغي، لا إلى من يصرخ. السلام أصعب شيء في الحياة، والحرب والغضب والعنف، طبع الجميع. وفي النهاية عندما يحصي الأفرقاء الخسائر يندمون ويعتذرون. ولكن كما قال شقيق جورج فلويد: هل يرد كل هذا شيئاً من الفتى جورج؟
لم تتغير مشكلة العالم. مسكين صانع السلام. إبراهام لنكولن قتله ممثل فاشل، وغاندي قتله متعصب تافه، ومارتن لوثر كينغ قتله أجير من أهل العنف. عندما أتذكر الخال فيليب في المطعم اللبناني في باريس، وحيداً مع عشاء «لا تُعد مثله سوى المرحومة أمي»، أرى أمامي أميركا تحترق، والمتظاهرون، كما في كل مكان، يحطمون الواجهات الجميلة والحدائق الجميلة والأيام الجميلة. يتطلب هذا المدى من جنون العنف رجلاً في عقل «الخال فيليب». كم يستحق صانعو السلام، الرحمة.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسكين صانع السلام مسكين صانع السلام



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:39 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 عمان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 عمان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 عمان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 عمان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 04:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab