وحدة المسار

وحدة المسار

وحدة المسار

 عمان اليوم -

وحدة المسار

بقلم : سمير عطا الله

 مجرد مثال يتكرر في الأزمنة والأمكنة. رجل في محيط متواضع يجيد تسلق طريق الصعود. وما إن يبلغ رأس السلم في الداخل حتى يقفز طالباً العالم أجمع. الصعود إلى رأس السلم إنجاز مبهر، والقفز عن رأس السلم انتحار. لم تخطئ هذه القاعدة مرة واحدة. نابليون بدأ ضابطاً برتبة ملازم. وحكم فرنسا. ثم طلب أوروبا. ثم طلب العالم. ثم تكسر من وقع السقوط. النمساوي أدولف هتلر بدأ دهاناً، ثم عريفاً، ثم أصبح حاكماً ألمانياً بالغ النجاح. لكنه أراد أوروبا، وروسيا والعالم، وانتهى منتحراً في ملجأ. ومعه زمرة من مجانينه الذين أفقدهم حسن المنطق والصلة بالواقع. ومعه كان بنيتو موسوليني، وكان صحافياً عادياً، وعرف كيف يصل بالوسائل المسرحية نفسها: الخطابة والمظهر العسكري وذر الكلام الفارغ في الساحات. لكنه أراد امبراطورية وانبعاث روما. واتجه إلى أفريقيا، ومن ثم أوروبا، ومن ثم سقط هارباً بيد الشيوعيين.

كمال أتاتورك فعل العكس تماماً. من أجل أن تبقى تركيا، قلّم أطرافها المريضة، وانصرف إلى الداخل الأناضولي، وأعاد غنائم السلطنة إلى أهلها وشعوبها، وألغى مظاهرها الفارغة وألقابها العنترية. أدرك أن العالم تغيّر والعودة إلى الوراء مضحكة في الشكل، ومؤلمة في العمق.

رجب طيب إردوغان صعد من بائع في ساحات إسطنبول إلى سياسي بارز. ثم إلى زعيم. ثم إلى رئيس. ومثل هتلر من قبله، كان نجاحه الأهم في الاقتصاد ووقف التضخم، وإعادة الاعتبار لليرة الذابلة. لكنه ما لبث أن أصيب بجرثومة التوسع وهوس «القائد». أراد الجوار والعرب وأوروبا وسوريا والعراق، والعودة إلى ما قلّمه أتاتورك حرصاً على الجمهورية. وطابت له اللقاءات مع بوتين، والمعارك مع ترمب، وتهديد أوروبا، وبناء قصر من ألف غرفة يفوق قصر يلدز.

قبل أشهر توقف عند بائع كعك في إسطنبول، وتحدث إليه عن أحواله. يريد أن يذكِّر مواطنيه بأين كان وأين أصبح، أنا لست بائع إسطنبول. أنا سلطانها. أنا لست العريف أدولف، أنا الفوهرر هتلر. أنا الدوتشي موسوليني. أنا لست الملازم بونابرت، أنا الإمبراطور نابليون.

في وقوفه على هذه المنصة العالية متطلعاً خارج تركيا، فقد رجب طيب إردوغان حاسة القياس. يرى سوريا فيريدها، ويرى مصر فيطلبها، ويرى العراق فيقتحمه، ويرى أوروبا فيخيرها بين أن تضمه إليها وبين أن يغرقها ببؤساء العرب.

الضابط برتبة ملازم معمر القذافي لم يعد يرتضي أقل من تاج تيجان أفريقيا. بدأ مسيرته رجلاً متواضعاً ينادى «معمر»، ويريد تحرير ليبيا من القواعد الأجنبية. ثم تساءل: لماذا ليس أيضاً فلسطين والأمة العربية وآيرلندا وآسيا؟ بل لماذا ليس العالم برمّته، نزوده كتاباً أخضر كهدية إضافية؟ لست أدري عما يبحث إردوغان في الجماهيرية.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة المسار وحدة المسار



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab