«البجعة السوداء»

«البجعة السوداء»

«البجعة السوداء»

 عمان اليوم -

«البجعة السوداء»

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

عام 2007، أصدر الاقتصادي اللبناني - الأميركي نسيم طالب كتاباً بعنوان «البجعة السوداء»، ظل لمدة 34 أسبوعاً الأكثر مبيعاً على لائحة «نيويورك تايمز». وقد أصدر بعد ذلك أربعة كتب في السياق نفسه، لم تلقَ نجاحاً ملحوظاً، وفي رأسي أنها كانت تكراراً مبالغاً فيه، لأهمية الكتاب الأول.
درج مثل «البجعة السوداء» في التراث الشعبي العالمي، حول المفاجآت غير المحتملة وغير المتوقعة. فالمفترض أن البجع طائر أبيض اللون. وكل شيء يبنى على هذه الحقيقة. لكن فجأة، تظهر في السرب بجعة سوداء، لا يعرف أحد كيف ومن أين أتت.
أورد طالب هذا المثل لكي يعدد المفاجآت والبجعات السوداء التي ظهرت في البورصات العالمية وأدَّت إلى خسائر بالمليارات على مدى السنين. وكان هو قد عمل في السوق لفترة طويلة قبل أن يترك المهنة ويصبح أستاذاً جامعياً في الولايات المتحدة يتلقى أعلى الأجور عن المحاضرات التي يلقيها حول العالم، وتدور كلها حول الفكرة نفسها.
لم أعد منذ سنوات أقرأ نسيم طالب، كما لم أعد أصغي إليه، لأن له طريقة منفِّرة في مخاطبة الناس، إذ يصر على مظهر التواضع بأسلوب مليء بالغرور. وكنت قد عرفت والده، وهو طبيب شهير، مليء بالتواضع والدماثة، وفوقهما أناقة الخطاب والمظهر.
اضطررت في الآونة الأخيرة إلى إقامة الصلح مع الدكتور الابن الذي لم ألتقِه مرة. فبعد أشهر من ظهور «كورونا» أخذت أتذكر كل رسوم حكاية «البجعة السوداء». لم تقلب «كورونا» حسابات الشركات الكبرى في العالم، وتقفر مدناً كبرى مثل نيويورك ولندن وباريس، بل أقفلت دكاكين الحي ومقاهي الجبل وأفران الفقراء.
قبل عام كان مديرو العالم الاقتصادي، ومقررو الأسواق وخبراء المال، يطرحون علينا، في ثقة كبيرة بالنفس، نظريات النمو ونسبة الأرباح وحيوية الدول النامية. وفجأة، ظهر فيروس فتاك من ريشة خفاش، فإذا البجع كله أسود اللون. حتى تلك الأسراب البديعة التي تمر فوق لبنان كل خريف، فيخرج إليها القتلة برشاشات الكلاشنيكوف، التي خرجوا بها بعضهم على بعض خلال «الحرب الأهلية». وقد عرف غسان تويني طبيعتها تماماً فسماها «حروب الآخرين». ولم تنتهِ بعد. ولا توقف اصطياد البجع الذي لا يغط دقيقة واحدة عندنا، ومع ذلك، نطارده في الأجواء، ثم نتباهى بقتله، ثم ينتهي المهرجان، لأنه قاسي اللحم، لا يؤكل، يحرم نفسه على قتلته. لم تتأكد نظرية نسيم طالب و«البجعة السوداء» كما تأكدت مع هذه الجائحة الحمراء، القانية، التي تتمخطر حول العالم مثل الرؤوس الفارغة.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«البجعة السوداء» «البجعة السوداء»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab