التقرير الذي لم يُقرأ

التقرير الذي لم يُقرأ

التقرير الذي لم يُقرأ

 عمان اليوم -

التقرير الذي لم يُقرأ

بقلم :سمير عطا الله

ربيع 1994، سقط في رواندا ما بين 500 ألف و1.2 مليون قتيل بالسواطير ما بين القبيلتين اللتين يتألف منهما البلد، الـ«هوتو» والـ«توتسي». كان الدكتور بطرس غالي أميناً عاماً للأمم المتحدة عندما وقعت المجزرة الرهيبة. وصرت كلما التقيته بعد ذلك، ومن دون أن أطرح عليه أي سؤال، يتحدّث طويلاً في مرارة وندم عمّا وقع في تلك الدولة الأفريقية. وأعتقد أن المرارة بلغت به أنه فكّر في إنشاء قوة دولية عسكرية تضاهي القوى في الدول الكبرى، من أجل الحيلولة في المستقبل دون مذابح مرَضية من هذا النوع وبهذا الحجم الرهيب.

صدرت عن المجزرة كتب كثيرة ووُضعت كتب كثيرة أيضاً. والآن نقرأ أنه قبل بدء المجزرة بأيام، بعث الكولونيل الكندي «روميو دالامير»، رئيس القوة الدولية في العاصمة كيغالي، بتقرير إلى كوفي أنان، قائد قوات الأمم المتحدة في العالم، يقول فيه إن الدولة الرواندية التي تسيطر عليها أكثرية الـ«هوتو»، تستعد لإبادة جماعية لأفراد قبيلة الـ«توتسي»، وكل من يعترض على ذلك من المعتدلين الهوتيين. استند الكولونيل دالامير في تقريره إلى تفاصيل وضعها بين يديه مُخبِر لدى رئيس الجمهورية، شعر فجأة بالخوف وتأنيب الضمير ولم يطلب لقاء الإخبارية سوى الحماية له ولعائلته.

وصل التقرير إلى كوفي أنان بالفاكس. ولا يعرف أحد حتى الآن إن كان قد اطلع بطرس غالي عليه، أو ماذا حدث له في الدائرة العسكرية في نيويورك. ما يعرفه العالم هو أن مئات الآلاف من الناس كانوا يُذبحون لمجرّد انتمائهم القبلي، فيما كان العالم برمّته مأخوذاً في جدل تافه حول علاقة الرئيس الأميركي بيل كلينتون، بالمتدرّبة مونيكا لوينسكي. ألم تكن الأسرة الدولية دائماً على هذه الدرجة من الخبث والتجاهل الإجرامي؟ سُجّلت مجازر رواندا في أرشيف المنظمة الدولية إلى جانب غيرها. كابوس لا شبيه له في حجم اللؤم البشري، لا يوجد من يتحمل مسؤوليته. ولم يكن ذلك الخطأ الوحيد الذي ارتكبه كوفي أنان في مراحله الوظيفية، أولاً كقائد للقوات الدولية، ومن ثم أميناً عاماً خلال دورتين.

قضيتان بقيتا دون جواب قاطع في تلك المرحلة: رواندا ومونيكا. وقد دخل المدّعي الخاص الأميركي نيوت جينجريتش إلى غرفة نوم بيل كلينتون وفتّش في خزائنه بحثاً عن أدلّة دامغة، وبقيت رواندا تصنع النعوش من أي خشب متوافر على الطرقات. الحمد لله على أن المنتصر في الذاكرة هو عنصر النسيان. لقد نجحت رواندا إلى حد بعيد في تناسي ما لا يُصدّق أنه حدث فعلاً. فهو لتوحّشه، يبدو فعلاً مجرد كابوس لم يحدث في الواقع.

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التقرير الذي لم يُقرأ التقرير الذي لم يُقرأ



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab