نيل مالح ونيل حلو

نيل مالح ونيل حلو

نيل مالح ونيل حلو

 عمان اليوم -

نيل مالح ونيل حلو

بقلم:سمير عطا الله

أيهما أكثر أهمية في المعجزتين: الأهرامات أم قناة السويس؟ يعطينا الدكتور زاهي حواس باستمرار دروساً مثيرة في التاريخ. ينبش الآثار، رمزياً وفعلياً، ويحلل تواريخها وحكاياتها وأسرارها وغموضها. أسماء لم تعد في التداول إلا في المتاحف، ولا عاد أحد يطلق على مولوده الجديد اسم خوفو، ورع، وتحتمس، لكنهم موجودون معنا على رؤوس التاريخ. وعندما نتجاوز في القراءة معدلاتنا العادية، نكتشف أن المهندس البارع لم يصل إلى المكان مع عمّاله وبدأ في العمار على الفور: كان عليه أن يختار المكان، ويدرس نوعية الأرض، ويحمل الحجارة من وسط مصر، ويحدد زاوية البناء، ويتأكد من أن هذا البناء العجيب سوف يصمد دهراً في وجه الشمس، والرمل، والحر. ما جدوى التاريخ ما دام يأخذ بشره معه؟ صحيح أنه يأخذ بَشَره، لكن حجره يبقى شاهداً على مراحل الحياة. فقط العدميون مثل نيتشه يقولون إن الإنسان بلا ابتداء أو انتهاء. لكن السادة خوفو ورع والسيدة نفرتيتي، أثبتوا لنا أنها أكثر من ذلك. التقيت في جدّة الشيخة فاطمة الخليفة، وسفيرة فرنسا السابقة في سوريا، ضمن وفد دولي ذاهب إلى مدينة «العلا». تنبهت إلى أن ذلك لم يكن مألوفاً في المملكة قبل الآن: إحياء التراث واشتراك المرأة في هذا المشروع المشوّق والجميل والمتعدد الفائدة.

لنعد إلى السؤال: أيهما أكثر أهمية؟ الأهرام أم القناة؟ لقد مات الألوف من المصريين وهم يبنون كلا منهما. القناة تدر على أحفادهم الملايين، وكذلك الأهرام. ألوف ماتوا غرقاً، وألوف ماتوا تعباً. الحقيقة، هذا شيء وهذا آخر، وكلاهما قصة الصراع الأزلي بين الحياة والموت في حياة المصريين. بل إن المصري ذهب إلى أبعد من ذلك، إلى أبعد ما بعد الموت.

إذا كان لا بدّ من إجابة، يبلغكم المحبّر تحياته الخالصة ويقول: إنها القناة. أصحابها الأجلّاء فكّروا بكل مصر، وجميع المصريين، وليس بفرعون وحده. الأهرام حجر واقف في الزمان، والقناة نيل آخر، زائد الملوحة قليلاً، أو كثيراً. لكنه مدرّ للخير. وهذا النيل المالح يسدد بانتظام ضريبة العمال الذين حفروه.

ولكن أليس مهندس القناة فرنسياً؟ هذا مثل القول بأن صاحبها كان ألبانياً. وأن أسرة محمد علي، وإبراهيم باشا، وإسماعيل باشا، لم يكونوا مصريين، أو أن نابليون لم يكن فرنسيا، لأنه ولد في جزيرة كورسيكا، التي لم تصبح فرنسية إلا قبل عام واحد من ولادته.

بناء على كل ما تقدم، عاشت القناة والعزة للأهرام.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نيل مالح ونيل حلو نيل مالح ونيل حلو



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab