غابة الأحزان

غابة الأحزان

غابة الأحزان

 عمان اليوم -

غابة الأحزان

بقلم - سمير عطا الله

يشغل الزميل والمفكر محمد السمّاك مكاناً ومكانةً بارزين في «حوار الحضارات». ويؤدي في لبنان دوراً عالياً في تقريب التباعد، وتحصين الجسور. ومن جملة انهماكاته، المساهمات الثقافية في مؤسسة «المقاصد الإسلامية»، إحدى أعرق الجمعيات في لبنان. وقد عادت «المقاصد» إلى دورها في عالم النشر التعليمي. وأصدر السماك مجلدين ثمينين تحت عنوان «من بدائع المؤلفات العالمية: ستون كتاباً في كتاب»، أعتقد أنهما من أفضل الدروس الفكرية وأوسعها شمولاً.

يصعب عليك تماماً أن تنتقي الفصل الأكثر أهمية أو إثارة. إليك هذا النموذج من كتاب «غابة الأحزان في الكونغو».

أول صدمة معرفية يقدمها المؤلف تتمثل في تأكيده الموثَّق للحقيقة التالية:

وهي أنه في أواخر القرن التاسع عشر، قتل ملايين من الأفريقيين في الكونغو وحدها، أي ما يعادل في ذلك الوقت نصف عدد السكان، أثناء إجبارهم على العمل على جمع المطاط من الغابات الاستوائية. وعلى جمع العاج من أنياب الفيلة التي كانت تقتل جماعياً.

كان ملك بلجيكا ليوبولد الثاني «يملك» الكونغو بكل ما فيها، ومن عليها، في نهاية القرن التاسع عشر، لم يكن المالك يعدُّ الأفريقي إنساناً «سوياً». ولذلك، سخّره للخدمة.

ويقول المؤلف إن العامل الأفريقي في الغابات كان يمرض ويتضور جوعاً، إلا أن تكاليف معالجته كانت أكثر من تكاليف استبدال عامل آخر به. ولذلك كان العمال الأفارقة يموتون يومياً بالعشرات... وكانوا يُستبدلون بغيرهم بالمئات.

لم تتحمل بلجيكا الأعباء المعنوية لتلك الفضائح الإنسانية. ففي عام 1908 بادرت الدولة، كما يقول المؤلف، إلى سحب الكونغو من ملكية الملك وحوَّلته إلى مستعمرة بلجيكية. وبموجب ذلك، بدّلت من طبيعته البعثات التي كانت ترسلها إلى هناك. إلا أن تمثال الملك ليوبولد بقي منتصباً أمام القصر الملكي في بروكسل، وللتعبير عن خجل البلجيكيين من تاريخه اللا إنساني، استهدفوا التمثال مراراً وتكراراً بالتشويه وبتعليق الشعارات المسيئة إليه.

لا يعني ذلك أن الإنسان في الكونغو أصبح حراً. فقد استمر الاستعباد. ولكن بوحشية أقل، كما يقول المؤلف، وهو مؤرخ أميركي متخصص بالتاريخ الأفريقي. فالكونغو أكبر وأغنى دولة في أفريقيا. انقسم إلى قسمين: الأول كان يملكه الملك ليوبولد، ثم الدولة البلجيكية، وهو ما يُعرف اليوم باسم جمهورية الكونغو الديموقراطية، والثاني كان خاضعاً لفرنسا وهو ما يُعرف اليوم باسم جمهورية الكونغو. لا يتحدث الكتاب عن تاريخ الكونغو بقسميه، لكنه يتحدث عن المأساة التي تعرّض لها الإنسان الأفريقي في الكونغو. فالتهافت على ثرواته الطبيعية، كان ولا يزال، صراعاً دموياً يدفع الأفارقة الكونغوليين ثمنه من أرواحهم... وحتى اليوم.

يخصص المؤلف فصلاً كاملاً من الكتاب الحديث عن بناء خط سكة الحديد، الذي يربط وسط أفريقيا - الكونغو بالمحيط الأطلسي. ويقول إنه أثناء تلك العملية كان العمّال يمرضون إما بسبب الإنهاك والتعب الشديدين، أو بسبب إصابتهم بالأمراض. ويقول أيضاً إن المسؤولين لم يهتموا بحماية العمّال أو بمعالجة المرضى منهم، لكنهم كانوا يتخلّون عنهم ويحملون غيرهم على متابعة العمل الشاق. فالاستبدال كان أسهل، وغير مكلف.

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غابة الأحزان غابة الأحزان



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 عمان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 04:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab