زوروا رواندا

زوروا رواندا

زوروا رواندا

 عمان اليوم -

زوروا رواندا

بقلم:سمير عطا الله

طبعاً، كنت أشاهد المباراة، لا إعلاناتها، عرفت من الشاشة أن المباراة بين فريق آرسنال وفريق بالوتيلي. الأخير لم أسمع به من قبل، والأول أعرف اسمه لكثرة ما يتردد بين الناس والهواة. وعندما شاهدت الأداء، ظننت أنها حفلة رقص باليه روسية. أقدام ساحرة تلاعب الكرة، والملعب، والفريق الآخر، وعندما تصل الكرة إلى حارس آرسنال مثل معزوفة صاروخية، يرتفع نحوها ويقبض عليها، ويخيّب آمال الفريق المنافس المسكين، مرة بعد مرة.

ثم انتبهت إلى شيء أكثر أهمية. جدران الملعب مليئة بدعايات تقول: زوروا رواندا. كما لو أنك تقول، زوروا سويسرا أو إيطاليا. ولكن رواندا، بلد المليون قتيل بالمناجل والفؤوس. بلد التوتسي والهوتو؟ أجل. ورواندا اليوم بلد أكبر وأعمق المصالحات التاريخية. لا جثث تملأ الطرقات، بل الحدائق والزهور والمتنزهون. ولا مذابح بين الجيران من بيت إلى بيت. ولا مدارس مكتظة بجثث التلاميذ الذين لم يتمكنوا من الفرار من بعضهم البعض.

زوروا رواندا في سعادة وأمان. لم تعد هناك جروح وانتقامات وذبح قبلي، إذ يُعرف الرجل من طول قامته أو قصرها. قبيلتان في كل البلاد، اكتشفتا بعد مليون قتيل أن الحياة أجمل من الموت، وأن ثمة مكاناً للجميع. هذا ما اكتشفته سويسرا من قبل، وآيرلندا. ولكن الطريق لا يزال طويلاً جداً أمام هذا العالم الموبوء بالتقسيم والأحقاد والمكاره. تكتشف معنى فشل الوحدة في الدراسة التاريخية الشاملة التي وضعها الدكتور غسان رعد تحت عنوان «النزاعات الإثنية في الدول التعددية»، يعيش الدكتور رعد في واشنطن منذ أربعة عقود. ومنها يعايش النزاعات التي تتوزع على مناطق العالم. ويرسم رعد خريطة مفصّلة لنقاط الأمل بالحل. وتلك التي يصعب الأمل بها. والتمعن في خرائطه يوحي أن التقسيم لن يستمر آفة تخرِّب حياة البشر، وإنما هناك مناطق كثيرة أصبحت على مشارف الحل مثل قبرص وسريلانكا.

تقوم حرب ضروس بين أهل الوطن الواحد، بسبب اختلاف في لون البشرة، أو الطائفة، أو الحزب، أو الحدود، أو لعبة الكرة. يلبي الإنسان نداء الصراع بعقل أقل من عقل الديك. يذهل فريق آرسنال الناس في تحويل الملعب إلى فرقة موسيقية، والساق إلى يد تعزف الكمان مثل نسائم الربيع. أما الجمهور، جمهور آرسنال، فيغضب ويهتاج ويتشاتم، ويهدد. وفي لحظة قد يتحول كل شيء إلى عراك وسلوك بشع وأخلاق بشعة.

زوروا رواندا. بلد السلام والأمن، واتركوا جمهور آرسنال، صاحب أجمل وأرقى الفرق الرياضية، يعبر عن أبشع وأحط السلوك الغرائزي.

كتاب الدكتور غسان رعد عرض لفشل الدول التعددية مثل بلده، لبنان. يوم أرقى شعوب العالم، ويوم قتل على الهوية. يوم رئيس مثل فؤاد شهاب ويوم ممنوع عليه الرئاسة إلا إذا كان صنواً للغراب والخراب.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زوروا رواندا زوروا رواندا



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab