الشرطي الشاعر

الشرطي الشاعر

الشرطي الشاعر

 عمان اليوم -

الشرطي الشاعر

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

كاتب وصحافيّ لبناني، عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية.
ذهبتُ إلى فرع المصرف الذي نتعامل معه منذ ثلاثين عاماً، فوجدت للمرة الأولى شرطياً يجلس على كرسي أمام المدخل. ووقف مرحباً قبل أن أقول له ممازحاً: أين هو مكان الاعتصام عندكم؟ فأجاب، ضاحكاً أيضاً: عندنا ليس مسموحاً للكتّاب بالاعتصام. اعتقدت أنه يعرفني من قراءة المقال الأسبوعي في «النهار». لكنه سارع إلى القول إنه يقرأ «الشرق الأوسط» كل يوم.
دخلت المصرف، ثم خرجت، لكي أحيي الشرطي القارئ. لكنه أضاف بدماثة مفاجأة مفرحة أخرى. أنه ليس قارئاً فحسب، بل يكتب الشعر أيضاً، وله ديوان وله مطالعات نقدية. واتفقت مع الشاعر الشرطي أن يرسل إليّ نسخة من ديوانه، فقال بأدب: «يشرّفني أن يقرأني رجل مثلك»، قلت له «يسعدني أن يقرأني رجل مثلك». وشرحت لمحمود أن انصراف إنسان في ظروفه إلى الكتابة، وهو بالبزة العسكرية، تكريم للشعر. فقد لا يصبح ضابطاً كبيراً ذات يوم لكنّه قد يصبح كاتباً معتبراً. وإذا استمرّ في تقدير موهبته وشغفه، ساعياً في صقل الأولى وإشباع الثانية، فمن يدري إلى أين تقود الدروب. الموهبة مسؤولية كبرى، لم تعط لك إلا من أجل أن تتميز عن الرمل السائد، كما كان يقول محمود درويش. اسقها كل يوم. وماء الكتابة هو القراءة.
يكتب الزميل عيسى غريب مقالاً افتتاحياً عالياً في صحيفة «الأوريان لوجور» الفرنسية. وقد أرسلت إليه خريجاً من أقربائي للتدرب على يديه. وعندما اطلع على شهادات القريب الشاب قال له، لم يبق لي سوى درس واحد أنصحك به: كلّما كتبت شيئاً أعد قراءته واحذف منه. ثم احذف... ثم عندما تجد أنه لم يعد هناك ما يمكن أن تحذفه، أرسل المقال إلى النشر.
أنا نادم على النشر مبكراً. أغواني ذلك بأن الكتابة عمل سهل. ومع الأيام اكتشفت أن كل يوم جديد هو تصحيح أفضل. وأن كل كتاب أقرأه، أستاذ أصغي إليه. وكنت أهمل المحاضرات على أساس أنني سأقرأها في أي حال. ثم تبيّن لي أن هذا تبسيط وجهلٌ. فالمُحاضر الجيّد نقاّش في الذاكرة. وما يدور من نقاش مع المحاور، درس لا ينسى.
يا محمود وهبه، أتمنى أن أذهب إلى نادي الأدباء ذات يوم لحضور حفل توقيع لك. ولكن من الآن إلى حينها، لا تستخف بالثياب العسكرية. اجعلها تجربة من تجارب حصادك الأدبي، وأنا أعرف أنك تقرأ هذه الكلمات الآن. لكن انصرف إلى الكتب. الصحف تملأ يومك. الكتب تملأ الحياة.
   

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرطي الشاعر الشرطي الشاعر



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab