مطعم الأفكار

مطعم الأفكار

مطعم الأفكار

 عمان اليوم -

مطعم الأفكار

بقلم:سمير عطا الله

هي المقاهي، لا المطاعم، لعبت دوراً في حياة الناس، وحتى في تاريخهم. التاريخ السياسي، كما في مقاهي فيينا، أو التاريخ الثقافي، كما في مقاهي باريس، أو في تاريخ المدنية نفسها، كما في مقاهي القاهرة. صيغة المطاعم مختلفة تماما: لا وقت للإضاعة، لا لدى صاحب المطعم ولا لدى الزبون.

الفرنسيون اخترعوا صيغة بين الصيغتين، سموها «البراسري». وأشهرها «براسري» السياسيين، ومنهم الرئيس فرنسوا ميتران، الذي كان يداوم المساء في «براسري ليب»، الواقعة، للمصادفة، في الجانب المقابل «للدوماغو»، أشهر مقهى فرنسي.

«مطعم فيصل» في بيروت، كان مطعماً ومقهى وملتقى وامتداداً للجامعة الأميركية. الواقعة قبالته، في رأس بيروت. كان جزءاً من تاريخ بيروت وتاريخ الجامعة وتاريخ لبنان وتاريخ المنطقة. العرب، طلاباً وأساتذة، كانوا في الجامعة، والجامعة كانت عند فيصل: تأكل وتحكي وتجادل وتثرثر، وتقترض ثمن الوجبة على الحساب!

بل كان المطعم الصغير مرتبة في المراتب، ونسباً في الأنساب. أو أشبه ما يكون بنوادي بريطانيا: عضوية تمنح للمثقفين والمفكرين وصنّاع الأفكار. أما صناع القرار فلم يكن لديهم الوقت لهذه الظهرية الممتعة بين أهل الأحزاب والأحلام والقوميات.

أخيراً، «مطعم فيصل» في كتاب (دار نلسن) استغرق وضعه عدة سنوات. استعادت الزميلة إيمان عبد الله، زوايا «فيصل» وأشخاصه ووجوهه، وما تجمع من لطائف عن المطعم الذي كان لعماله شغل إضافي: بريد الزبائن وعنوانهم الدائم، وقد ذهب مثلاً الطالب الأردني الذي كتب إلى أهله في عمّان يعطيهم عنوانه الجديد: «الجامعة الأميركية، قبالة مطعم فيصل». وكان جاداً.

عشرات الأسماء العربية واللبنانية مرت من هناك. ولعل أكثرها ولاء اسم المفكر منح الصلح، الذي كان المطعم «صالونه»، ومنبع سخرياته الحادة من الجميع. لا أحد كان ينجو من دعابات «البك». ولا حماية أو حصانة. فإذا حضرت النكتة حضرت، ولا يهم من يدمي منح بك. فالضاحك لسخريته اليوم مضحوك منه غداً. لذا كان الخارجون من المطعم، بعد جلسة البك، يمشون إلى الخلف، خوف أن تكون الإصابة في ظهورهم.

إلى سنوات كثيرة، كان لبنان هو بيروت. وكانت بيروت هي «رأس بيروت». ورأس بيروت كان «الجامعة». والجامعة كانت «مطعم فيصل». وأسعاره المعقولة ووجباته البسيطة، ومناخ الألفة الذي لا يغيب عنه.

شهد «فيصل» كل التحولات السياسية التي مرت بالمنطقة. وكان، إلى حد بعيد، مجلس القوميين العرب من الطلاب والأساتذة معاً. بينما كان «القوميون اللبنانيون» في الجانب الشرقي من بيروت، بلا مقهى سياسي أو نقاشات، أو حتى منح بك. «رأس بيروت» كان هجرة العرب إلى بيروت، خصوصاً الفلسطينيين، وكان لها عنوانان: الجامعة، وفيصل.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مطعم الأفكار مطعم الأفكار



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab