بقلم:سمير عطا الله
في الحرب الأهلية اللبنانية، لم تبق دولة أو جهة، لم ترسل أسلحة القتل إلى لبنان. والبعض الآخر كان أكثر اهتماماً، فأرسل السلاح وحملته. وفي ذروة الخراب والقتل والانقسام، وصلت بيروت قوافل من الشاحنات السعودية تحمل المؤن الغذائية والطبية، وظلت تلك الحرب توسع المقابر والمهاجر، إلى أن دعت المملكة فرقاءها إلى مدينة الطائف، وأغلقت عليهم الأبواب، وقالت لهم، لا تخرجوا من هنا إلا بتوقيع السلام الأهلي الدائم، الذي سمي «اتفاق الطائف».
ما إن انتهت حرب العرب في لبنان، حتى قام صدام حسين باحتلال الكويت. أدارت الرياض حرب التحرير على ثلاثة مستويات: أولاً السياسي، وثانياً: حفظ كرامة الكويتيين أميراً وشعباً، وثالثاً: على المستوى العسكري. ثم تبنت الرياض في قمة بيروت المبادرة العربية الأولى لحل دائم في الشرق الأوسط، الذي لا حل من دونه: دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشرقية.
دور بدأ قبل قرن ولم يتغير: وحدة العرب وأمانهم. واقتصاد المملكة وازدهارها. وفي هذه القمة، تبلَّغ الضيوف أن القاعدة تتطور ولا تتغير، وشاهدوا مدينة نادرة المثال بين عواصم العالم. هكذا حقق سيد الريادات العمرانية، وهكذا يكمل ولي عهده.
وجهت القمة العربية الإسلامية رسائل أساسية في كل اتجاه، العرب والعالم: لا تغيير في حجم أنملة في ثوابت الثوابت. ولا تأويل ولا تفسير ولا اجتهادات. السياسات الكبرى تقوم على الرؤية البعيدة. وفي الرؤية البعيدة، لا تحسب المسائل العابرة. لذلك عندما شجب الأمير محمد بن سلمان بكل قوة العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، استنكر أيضاً الهجمات على الأراضي الإيرانية. حسن الجوار قاعدة عامة لا انتقائية. ولن يصدر من الرياض، خصوصاً وهي تستضيف الأمتين، إلا ما هو في مصالح شعوبهما، التي أصبحت تشكل ثلث البشرية. وهذا الثلث بدا في القمة مثل «قوس قزح» متعدد الألوان، كما يحدث في الصحو بعد غيم ملبد.
غير أن الكثير من الغيوم لا تزال تعتّم أجواء المنطقة. والحقيقة أنها تبدو منقسمة إلى قسمين: واحد يمتلئ عماراً، وآخر يلجّ عليه الخراب والدمار وما هو أسوأ. أي الإصرار عليهما.
مصادفة أو مقصودة، كانت القمة رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي المنتخب قبل الجلوس وراء مكتبه في البيت الأبيض.