قراءة في «جودة الحياة»

قراءة في «جودة الحياة»

قراءة في «جودة الحياة»

 عمان اليوم -

قراءة في «جودة الحياة»

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

هذا المصطلح الجميل؛ «جودة الحياة»، الذي يعبر إلى القلب والعقل بلا حواجز، تم إطلاقه في مايو (أيار) 2018 ضمن برامج «رؤية المملكة 2030».

هو أمنية كل إنسان على وجه الأرض؛ أن يقضي عمره وفق معايير مرتفعة في كل محيطه؛ المنزل، المدرسة، العمل، الرعاية الصحية، النقل، السكن، الترفيه... إلخ. وأن تكون هذه المعايير ذات جودة، هذا يعني أنها أولاً مكلفة مادياً، ثانياً تتطلب تغييراً في المفاهيم الاجتماعية والثقافية.

والحق أن إطلاق هذا المصطلح قبل عامين لم يكن واضحاً لي. نظرياً مفهوم، لكن تحقيقه أشبه بالأمنيات البعيدة. لكن هذه الأمنيات اقتربت وتحقق كثير منها، وتلخيصها بأن يعيش الإنسان داخل دائرة نظام متماسك مدعوماً بقوانين الحماية، والحرية، ولقمة العيش الكريمة، والاستمتاع بكل ذلك.

الأمثلة كثيرة عن جهات حققت هذا المعنى، أبرزها هيئة الترفيه التي أرى أنها أفضل جهة خدمية اليوم من حيث حجم ما تقدمه ونوعه وتنوعه. من ضمن الحياة ذات الجودة أن تستمتع بوقتك بعيداً عن أعباء العمل والالتزامات، من خلال إرضاء الذائقة الفنية والثقافية على اختلاف مشارب الناس وأهوائها. استطاعت هيئة الترفيه تحقيق ذلك من خلال مواسم الصيف في مناطق مختلفة جذبت الآلاف، ببرامج متنوعة غنائية وفنية وثقافية. اكتشف السعوديون والمقيمون مناطق لم يكونوا يعرفونها، فقط لأن الجهة المعنية سلطت عليها الضوء. ومعظم مناطق الجذب في المملكة مناطق بكر، تتطلب الاستثمار فيها وتهيئتها.

انتهى الصيف وبدأ نحو ستة ملايين من الطلبة العودة إلى صفوفهم الدراسية. ربما ليس من المنصف مقارنة التعليم بأي جهة أخرى؛ نظراً لعبئها الثقيل والعيوب التي تراكمت وتكلست عبر عقود زمنية. لكننا نشهد تحولاً غير اعتيادي في سياسة التعليم يستحق التوقف عنده. لأول مرة يتم الالتفات للجذور، إصلاحها أو اقتلاعها. من الناحية التنظيمية، كان جل التركيز على إصلاح منظومة التعليم من فوق، وليس الأساس، وهذا ليس خطأً بحد ذاته، لكنه عمل غير تكاملي، تسبب في نتائج متواضعة لجهود كبيرة انصبت على التعليم الجامعي. ولأهمية هذه المسألة، شهد أمير منطقة الرياض، الأمير فيصل بن بندر، قبل أيام تدشين صفوف الطفولة المبكرة في مدارس التعليم العام، خطوة مهمة جداً ومتأخرة جداً، لكنها حصلت. أن يبدأ الطفل مسيرته التعليمية في صفوف مبكرة يعني أنه سيتعلم مبكراً مهارات الاتصال والتواصل والابتكار والمشاركة والتفاعل مع الذات ومع الآخرين. هذا إضافة إلى عامل مهم، وهو فرصة المشاركة في الأنشطة اللاصفية، وأنا مؤمنة بأن هذا النوع من الأنشطة ذو أهمية عظيمة وتأثير كبير على الطالب منذ الصفوف المبكرة وحتى الجامعة؛ لأنها الأنشطة التي تصنع شخصية الطالب، وتبرز قدراته وتصقلها، وهي التي تصنع الشخصية القيادية والشخصية التنفيذية التي تتفاعل مع المجتمع ومؤسساته. وزارة التعليم تطمح بحلول 2030 لأن تكون نسبة الالتحاق في مدارس الفصول المبكرة 95 في المائة. وهذا إن تحقق فهو دلالة كبيرة ليس على جهود الوزارة فقط، بل على تحول كبير في وعي المجتمع تجاه تعليم الصغار.

الأخبار المفرحة المتعلقة بالتعليم كثيرة، منها إسناد تعليم الصفوف الأولى الابتدائية من الطلاب البنين إلى المعلمات بدلاً من المعلمين، وهذه خطوة اتخذ قرارها قبل 40 عاماً ويتنفذ اليوم بكل ما يتضمن من أهمية نفسية وتربوية تعود على الطالب الطفل الذي لا يزال وجدانه مرتبطاً بأمه. الخبر الآخر الجميل هو حل إحدى أهم معضلات التعليم وهي المباني التعليمية، وللأسف المشاريع المتعثرة لمباني التعليم كثيرة بلغت في منطقة الرياض وحدها أكثر من 80 مشروعاً منذ أكثر من نحو عقد من الزمان، لكن كان الحل جذرياً بإسناد هذا الموضوع لصندوق الاستثمارات العامة، الصندوق السيادي للمملكة، من خلال شركة «تطوير» للمباني، التي بدأت ودشنت أول المشاريع التي كانت متعثرة وهو مجمع طويق التعليمي. 

آخر ما قدمته وزارة التعليم من تغيرات إيجابية، تصويب المقررات الدراسية المتعلقة بالتاريخ مما علق بها من معلومات مغلوطة، وحجب متعمد لأحداث تاريخية وطنية يفترض أن يلمّ بها الطالب. رغم تكرار تصحيح المناهج وتعديلها، لم تمس مادة التاريخ بهذا الشكل العميق من قبل، وبالأخص ما يتعلق بأحداث مهمة ساهمت بشكل كبير في قيام الدولة السعودية بمراحلها الأولى والثانية والثالثة. ولأن التعليم كان إلى حد كبير تحت تأثير سياسة جماعة «الإخوان المسلمين» المؤدلجة، فقد أسبغوا على حكام الدولة العثمانية من المزايا والثناء ما تجاوز الحقيقة ووقع في الخرافات. في المناهج الجديدة كُشفت حقائق تاريخية للطلبة حول دور الدولة العثمانية كدولة غازية انتهكت ونكّلت وقتلت باسم السلطان العثماني مناطق واسعة في الدولة السعودية، منها الدرعية التي قتلوا أهلها وأحرقوها وانتهت بذلك الدولة السعودية الأولى، وأبرزت كذلك دور المرأة في ذلك الوقت في الذود والدفاع عن أرضها وأهلها ضد المعتدين. وهذه الخطوة بتصحيح المعلومة التاريخية بالغة الأهمية؛ لأنها أكدت المؤكد، وهو أن؛ الدولة العثمانية في قوتها دولة احتلال، وفي ضعفها بوابة للاستعمار الأجنبي.
مصطلح «جودة الحياة»، مصطلح عظيم، متخم بالأفكار والمشاريع والمبادرات والمهام، وتتسابق المؤسسات اليوم لتحقيق هذا المعنى، الذي أرى أنه لُب «رؤية 2030»، وجوهرها وروحها.

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في «جودة الحياة» قراءة في «جودة الحياة»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab