بقلم : غادة الأحمد
فرضت جائحة كورونا والحجر الصحي المرافق لها على وزارات التربية والتعليم في أنحاء المعمورة إيقاف العام الدراسي الحالي، مما دفعها إلى إيجاد البديل المضمون لإيصال الحصة المعرفية المتعلقة بكل مرحلة وكل صف، فلجأت إلى التعليم عن بعد أو التعليم الالكتروني “الرقمي” كحل بديل مؤقتاً حتى يتم فك الحجر والعودة بالطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم. تعرِف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) نظام التعليم عن بُعد بأنه عملية اتصال غير مباشر بين الطالب والمعلم، حيث يفصلهما الزمان والمكان، ويتم الاتصال بينهما باستخدام الوسائط التعليمية المطبوعة أو الالكترونية. التجربة التي سارت عليها الحكومات محكومة بشروط لنجاحها من توفر حاسوب خادم له سعة تتيح تحرير المعلومات المتعلقة بالمواد الدراسية، وقد توفر الجامعة أو الجهة التي تتبنى برامج التعليم عن بعد هذا الحاسوب لإضافة مجموعة المستخدمين من خلال صفحات تفاعلية. وتتطلب توفر الخبرة لدى المدرسين باستخدام الحاسوب والانترنت، وكافة برامجها. وتوفر الاتصال بين الطلبة وشبكة الانترنت وبسرعة عالية، ليتمكن الطلبة من الوصول إلى الحاسوب الخادم. كما لجأت الحكومات العربية إلى طرائق أخرى للتعليم عن بعد من خلال المحطات الفضائية وبث الدروس والمناهج التعليمية وخصوصاَ ما يتعلق بالمراحل التعليمية قبل الجامعية. بحيث يقوم المدرس بشرح الدرس وتسجيله وبثه دون تفاعل من قبل الطلاب، وهي تجربة قديمة في معظم الدول العربية (سورية والعراق والأردن والبحرين). إننا أمام مرحلة جديدة في التعليم وتحصيل المعرفة، بدأت إرهاصاتها في ظل الجائحة العالمية، وربما تمتد إلى عقود قادمة بعد انحسار الوباء، وعودة العملية التعليمية إلى طبيعتها، تتطلب من القائمين عليها والمسؤولين عنها، مواكبة التطور التقني الهائل، ووضع خطط للتعليم يبرز فيها الجانب التفاعلي والتقني وتعديل المناهج الدراسية بما يتلاءم مع النظم التعليمية العالمية بما فيها من تطبيقات عملية، تسمح للطالب ابتكار شكل جديد من التعلم: فعندما يعتمد الطالب على ذاته في فهم المواد المشروحة عبر الوسائط المتعددة، فإن ذلك ينتج نوعاَ جديداَ من المعرفة بالتكنولوجيا وطرق التعليم، مما يفتح المجال أمام بعض التخصصات التي يحتاجها المجتمع ولا تتوفر في الجامعات والكليات التقليدية. تجربة التعليم عن بعد، لازالت في بداياتها في بلداننا العربية، ولا يمكننا الحكم عليها وتقويمها إلا بعد سنوات من التجربة، وتوافر كل مقومات نجاحها، وتراكم الخبرات، والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المضمار، وإيجاد الكوادر التعليمية المتميزة وتدريبها، وتشجيع الأفراد والعاملين لإكمال تعليمهم مما يحقق مفهوم جديد للتربية والتعليم، يتلاءم مع التطور العلمي والتكنولوجي إلى جانب تأهيل الأفراد وزيادة معرفتهم بالتكنولوجيا. لعل جائحة كورونا لفتت أنظار العالم إلى أهمية التطور العلمي والتقني، ووسائله المختلفة كالتلفاز والانترنيت في بث البرامج التوعوية والتثقيفية، وفي تناقل الأبحاث وتبادل الخبرات العلمية والطبية حتى بدا العالم قرية صغيرة، وكي لا نبقى خارج هذه القرية، وخارج التاريخ، علينا أن نعدً العدَة لمرحلة جديدة في التربية والتعليم تفتح أفاقاَ جديدة لأبنائنا ليكونوا أفرادا فاعلين ومؤثرين في مجتمعاتهم وفي هذا العالم.
المقال من صحيفة عمان