بقلم : د. رجب بن علي العويسي
لم يكن مسار الإنسانية في الممارسة السياسية العمانية المعاصرة في مواجهة كوفيد 19 حالة طارئة وليدة اللحظة ولا هي بفعل قرار آني أو عامل ظرفي أو تقليدا لمظهر عالمي وجد في هذا النهج طريقه للتنمية ونهضة الشعوب والإبقاء على جسر التواصل مدودا بين القيادة والمواطنين، أو نتيجة وقتية تجسد الحالة التي يعيشها العالم اليوم والتحولات الإقليمية والدولية التي فرضها انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)؛ بل شكلت الإنسانية العمانية خيارا استراتيجيا، وممارسة أصيلة، ومنهجا فريدا في العمل من أجل الإنسان وتحقيق آماله وأحلامه في عالم مضطرب، امتدت مع عمان وإنسانها لقرون طويلة حتى تشربته الأرض العمانية، وأرضعته إنسانها المعطاء، فأصبحت عقيدته في الحياة وسيرته في التعامل وطريقته في التعايش، حتى تأصلت في سلوكه مساحات الود وطيب المعشر وحسن المألف وسمو الخلق، وارتبطت بكل مفردات وأنماط الحياة الاجتماعية اليومية للمواطنين والمقومات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والدينية والقيمية والحضارية في قوة عطاء وسمو خصال وشموخ منهج ومسيرة نهضة وحكمة قيادة ورؤية وطن، وفق استراتيجيات واضحة وسيناريوهات عمل عززت من مسارات التناغم الوطني في التعامل مع هذه الجائحة بما ينسجم مع الواقع الاجتماعي ويتفاعل مع إنسانية القيادة العمانية ورؤيتها الحكيمة في تعميق البعد الإنساني للتنمية؛ لذلك شكل الإنسان العماني رهان القيادة في الحل والحلقة الأقوى في كسب معركة النجاح في الحد من انتشار كورونا وإبطاء سرعته، وعبر ممارسة عمانية أصيلة لها مرتكزاتها وأطرها التنظيمية والتشريعية والهيكلية في مسيرة تعاطي الدولة العمانية مع الأزمات؛ اتخذت من وضوح استراتيجيات العمل ووجود مرجعية وطنية عليا في التعامل مع الجائحة مدخلا استراتيجيا عزز من كفاءة القرارات ونجاعة الحلول ورصانة الأدوات وتوحيد الجهود الناتجة عنها؛ وهو ما رسم للمجتمع بكل شرائحه وفئاته خريطة العمل وخطوات الإنجاز ومؤشرات الأداء من خلال تحليل دقيق لبيئة العمل الصحية ومستويات التقدم الحاصلة فيها، إذ القرارات المتخذة من اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، والتي أُسست على مراحل واضحة وخطوات ممنهجة وتحليلات دقيقة وفهم للواقع واستشراف للوضع المستقبلي وتشخيص دقيق لمكامن وبؤر المرض وأماكن وجودها وقراءة واسعة للتوقعات سواء في عدد الحالات المصابة أو كذلك حالات الشفاء بما أعطت المواطن ثقة كبيرة في التقدم النوعي المرجو في قادم الوقت، وهي بما حملته من شفافية وموضوعية ومصداقية ووضوح، فإنها أيضا اتسمت بتدرجها بحسب المستجدات ومعطيات انتشار الفيروس والمؤشرات والتقارير العالمية للمرض، والرصد اليومي الذي تقوم به وزارة الصحة في هذا الشأن؛ لذلك كان المواطن المقياس الأساسي في معادلة النجاح في العمل الوطني في مواجهة كوفيد 19، ومؤشر القوة الفاعل في قدرتها على صناعة الفارق ورسم ملامح التغيير المقبل، وهو في الوقت نفسه من تتجه إليه الجهود وتؤسس في سبيله قواعد العمل الوطني، وتلتقي خلاله رؤية الوطن وتتناغم هيكلته وتتفاعل مؤسساته لتصب جميعها في رابطة الوطن الكبرى وعروته الوثقى وتتجه إلى الأخذ بيد إنسانه وترقية سبل الحياة الكريمة والعيش السعيد الآمن لمواطني، وعبر محطات تصنعها قيم الإنسان العماني وأخلاقياته وسيرته العطرة في العالمين، وما يحمله من مبادرات العطاء بلا توقف وهاجس الإنجاز بلا حدود، حاملا للبشرية رسالة الأمن والاستقرار، والسلام والوئام، ممارسة أصيلة، ومنهجا يصنع منه استحقاقات الخصوصية العمانية والتفردية التي ارتبطت بالأرض والثقافة والفكر، وهو النهج الذي لازم السيرة العمانية عدلا وحلما وحكمة ومبدأ، وارتبط بكل مجريات الأحداث وآليات التعامل مع جائحة كورونا، لتتجه كل الجهود الوطنية للقطاعات العسكرية والأمنية والمدنية نحو هدفها الأسمى في الوفاء بالتزاماتها الوطنية والأخلاقية نحو تأصيل ينابيع الإنسانية في ظل الأزمات، وترقية منظوراتها الأخلاقية في مواجهة كل المؤثرات التي قد تضر بالإنسان اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا، متخذة كل الوسائل الداعمة للمحافظة على سقف توقعاته.
ورغم أن العالم اتخذ من التدابير والإجراءات الاحترازية والوقائية في التعامل مع جائحة كورونا (كوفيد 19)، إلا أن لعمان سياستها المتفردة وخصوصيتها التي تميزت بها، وتمايزت بسببها، وتفوقت بها عن دول العالم، منطلقة من تجليات عظمة الإنسانية في أنصع صورها، وأدق تفاصيلها، وأعظم مواقفها، وأنقى غاياتها، وأسمى أهدافها، بما حملته في مساراتها التنظيمية والتقنينية والتفعيلية والتقييمية والضبطية من محطات إنسانية راقية عززت من صورة التمازج الوطني والتكامل المؤسسي والروح الإيجابية التي صنعت الفارق لتقرأ في هذه الجائحة عوامل إنتاج القوة وتعميق مشاعر الثقة في المواطن بما يقدمه من روح إيمانية عالية ورقي فكري رصين قوامه الالتزام والصبر والإيجابية والتي بدورها نسجت خيوط الأمل بانفراج الأزمة وزوال الحالة وتغيّر الحال، لتصبح محطة للتغيير ومنطلقا لبناء المستقبل الواعد لما بعد كوفيد 19، فإن ما حملته الحكمة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ في مضامينها من عدة الأمل والإرادة والتحلي بالإيجابية وقوة الفكر ومضاء العزيمة والالتفاف نحو القيادة الحكيمة واستشعار عظمة الموقف، واستنهاض الدوافع والهمم واستنطاق المواعظ والقيم والأخلاقيات، مدخل استراتيجي في التعامل الإنساني مع جائحة كوفيد19.
وشكلت السلطنة بهذا النهج الإنساني المتوازن في قراءتها لمعطيات جائحة كوفيد 19، واستشرافها لمستقبل التنمية القادم مرحلة مفصلية حددت رؤية الدولة وأجندتها الموجهة لبناء الإنسان واستقرار الوطن وحماية الموارد، والتثمير في الممكنات لصالح الإنسان، وجاء الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حاملا مبدأ إنسانية القيادة والإنسانية العمانية المؤطرة بمنظومة القيم والأخلاق والمبادئ الراقية الداعمة لأمن الإنسان واستقرار العالم وزيادة مساحة التآلف والتناغم والحوار والوئام الإنساني كمدخل لبناء الدولة العمانية والمسار الذي سيتم التعامل به مع كل محطات الإنجاز القادمة، وموقع الإنسان العماني في ظل نواتجها وتأثيرها عليه، محطة متجددة تقوم على تكامل الحس الوطني وتناغمه بين مختلف خطوط التأثير وقنوات الاتصال والتواصل نحو تحقيق إنسانية المواطن، وتوافق البحث في محددات مشتركة للتطوير متناغمة مع أولويات الأزمة وسيناريوهات التعامل مع الحالة، متوافقة مع كل الجهود الدولية المبذولة في هذا الجانب، لتعكس في حجم ما تحقق وعظمة ما أنجز وحكمة التعامل مع الموقف خصوصية نهضة عمان وإنسانيتها التي جعلت الإنسان غاية التنمية وهدفها، فعملت على مدى العقود الخمسة الماضية على ترقية هذا النهج وتعميق حضوره في كل محطات الإنجاز، ووضعته أولوية في التعاطي مع الأزمات والأحداث التي حصلت لعمان، وها هي عمان تتجه بكل قوة ومضاء، سالكه نهج الإنسانية واضعة الإنسان أولويتها وطريقها في تحقيق التقدم، لذلك راهنت على المواطن في الحد من انتشار الفيروس واتجهت نحو ترقية سلوك المواطنة العمانية المحققة للمسؤولية الاجتماعية، وتمكينه من فهم التأثيرات المرتبطة بهذه الجائحة على اقتصاد الوطن وأمنه واستثماراته، وتأكيد الإيجابية في التعاطي مع احداثها، وعبر أسلوب الخطاب المتوازن والمتدرج في قراراته، وحزمة الإجراءات الاحترازية المتخذة التي أعطت المواطن فرصة أكبر للتكيف معها، والتعاطي بإيجابية مع طبيعة هذه القرارات لتصبح حزمة الإجراءات والتدابير الاحترازية والوقائية رابطة وطنية تجتمع حولها كلمة الوعي، وتنصهر فيها قيم المسؤولية نحو الوطن، وتتقارب فيها معطيات الأداء الوطني، وتتحول فيها المحنة إلى منحة ومسار عمل ومساحة أمان واسعة لبقاء جسر التواصل مفتوحا وحبل المودة ممدودا، ومصدر قوة تتجه بالمجتمع إلى فهم ذاته، والوقوف على أولوياته، وإدراك مسؤولياته في إزالة الخطر الواقع عليه، وتوجيه بوصلة العمل نحو تحقيق استباقية أكثر استيعابا للظروف والمتغيرات الناتجة عن استفحال المرض واستمرار الجائحة.
على أن إنسانية القيادة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في قراءته للمدلولات التي تحملها هذه الجائحة والمرتكزات التي ينبغي أن تعمل عليها عمان بأسرع ما يمكن مسخِّرة لها كل أسباب الدعم، والآليات التي تعتمدها وعبر تفعيل خطوط التأثير الوطنية في هذا الجانب السياسية والدبلوماسية والعسكرية والأمنية والإعلامية والصحية والدعم اللوجستي والوعي الاجتماعي والوطني بالإجراءات والقرارات المتخذة، رسمت معالم الطريق وحددت بوصلة الهدف ووجهت اللجنة العليا لاتخاذ خطوات جادة في التعامل مع الجائحة؛ وما حمله اجتماع جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ باللجنة العليا المكلفة من دلالات كان لها عظيم الأثر في انسيابية عمل اللجنة وتيسر كل السبل للوصول إلى أهدافها بكفاءة عالية، وتعزيز التفاعل المجتمعي مع كل القرارات الصادرة عنها، بما انعكس إيجابا على سيناريوهات عمل اللجنة العليا المكلفة والحزم الإجرائية المتخذة في التعامل مع الجائحة وانتشار المرض، القائمة على تعزيز مساحات الهدوء والتوازن والاعتدال وعدم تهويل الأحداث وانتقاء نمط الخطاب الرسمي وأسلوب الحكمة والإيجابية فيه والمرونة والأريحية في القرارات وآليات التنفيذ؛ وتأطير منهجي لعملها التزم مسارات التقنين والتنظيم والتأطير والتفعيل والمتابعة، بما عزز من ثقة المواطن فيما اتخذته من قرارات، ووعي المواطن والمقيم بما يستدعيه الواقع من عمل بها، والتزام بتطبيقها، واستشعار لطبيعة المرحلة وما تحمله من حساسية حفاظا على أرواح المواطنين والمقيمين وسلامتهم.
كما اتسعت مضامين الإنسانية العمانية في قراءة متطلبات التعامل مع هذه الجائحة، لتنسجم مع حجم ما قدمته السلطنة من مظاهر العناية والاهتمام والمتابعة والتشخيص الذي يتلقاه المصابون بالفيروس من مواطنين ومقيمين على حد سواء، وإجراءات العزل الصحي للمناطق الأكثر انتشارا للمرض فيها كولاية مطرح ومسقط، أو بما اتخذته من نقاط التحكم والسيطرة في مداخل المحافظات ومخارجها لضبط وتقنين وتنظيم عمليات التنقل بين محافظات السلطنة من العمانيين وغير العمانيين، وغيرها، مسارات عمل واضحة ومنهجيات دقيقة قائمة على مبادئ العدالة والإنسانية في التعاطي مع المواطن والمقيم في توفير كل الضمانات التشخيصية للمرض والعزل الصحي والحجر المؤسسي والمنزلي، والرعاية الطبية والعناية الصحية بمن يكتشف إصابتهم بالعدوى، وما تبع ذلك من إجراءات اقتصادية مرنة وحوافز داعمة للحد من تأثر المجتمع بأفراده ومؤسساته بهذه الجائحة وفق ضوابط وشروط تراعي تحقق المصلحة العامة منها، من حيث تأجيل سداد الإيجارات والمتعلقات المرتبطة بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء والإنترنت والهاتف، أو تلك الإجراءات والممكنات ذات العلاقة بالقطاع الخاص والقوى العاملة غير العمانية، وحرص الجهات المختصة على أولوية حصول الأخيرة على العلاج من المرض والالتزام بالفحص حتى مع انتهاء رخصة العمل أو الإقامة لهذه الفئة، بما يؤكد نهج الإنسانية الذي التزمته عمان في كل مسارات عملها وما يحظى به المقيم على أرض السلطنة من رعاية وعناية وحماية، استلهاما من المادة (35) في النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (101/96) . وبالتالي حصول غير العمانيين على هذه الخدمة الصحية في هذه الظروف الصعبة بالمستوى نفسه الذي يحصل عليه المواطن دون تمييز؛ فإن ما تشير إليه إحصاءات وزارة الصحة بشأن توزيع أعداد الإصابات بفيروس كورونا (كوفيد19) حتى الخامس عشر من أبريل لعام 2020 والذي بلغ (1019) حالة في جميع محافظات السلطنة، يشكل العمانيون فيها (383) بنسبة 37.59%، في حين بلغ عدد المصابين من غير العمانيين (636) وتشكل ما نسبته 64.41%؛ تجسيد عملي لملامح الإنسانية في التعاطي مع هذا الواقع، وحجم ما تبذله الدولة من جهود تستهدف وضع صحة الإنسان وسلامته وأمنه النفسي وخفض درجة القلق الناتجة عن استمرار انتشار هذا الوباء.
عليه أخذت هذه الموجهات في الحسبان مساحة الإيجابية والتفاؤلية التي حملتها بنية الخطاب الوطني وتجسدت في جملة المفردات والتعابير الصادرة من اللجنة العليا وما اتسمت به من اتزان واعتدالية ووضوح أبقت مساحة حرية التعبير للمواطن مضمونة، وأدوات الحوار وإبداء الرأي مفتوحة، قائمة على العمل الجمعي والمشاركة البناءة وروح المسؤولية التي صنعت لقرارات اللجنة تقديرا مجتمعيا ومنح جهودها قاعدة شعبية، والتزاما فتح الكثير من الآفاق للعمل المشترك المعزز بحس الوطن وولاء المواطن ووعي المقيم، في ظل ما صدر من اللجنة من قرارات وتوجيهات تضمنت الكثير من المفاهيم والمصطلحات والمفردات التي عبرت عن أسلوب راق في الخطاب، ومنهج رصين في قراءة التجارب، وفهم متقن عميق في استيعاب الأحداث، ورغبة صادقة في إحداث تحول يصنعه المواطن بالتزامه ويعكسه المقيم بتقيده بالإجراءات والاحترازات؛ وارتبطت بتأصيل لغة الأمان والطمأنينة والسلام الداخلي واحترام المواطن وتقدير مشاعره، والثقة في قدراته واستعداداته على استشعار الحس المسؤول، بشكل يليق بإنسانيته ويعبر عن أخلاقيات الخطاب الذي جاء من أجله ناصعا في بياضه متزنا في مكوناته مبتكرا في آلياته متناغما مع هاجس النفس ودافعا للمزيد من الالتزام بالقانون وتحقيق النظام، ليفتح أبواب التفاؤل ونوافذ الأمل لتوافق المشاعر في طبيعة العمل القادم، وهو ما أسهم بدوره في خفض هاجس الذعر والارتباك والخوف كما خفض من ارتفاع معدلات القلق والشعور بالسلبية؛ وتقريب الافهام والتوافقية في الوصول بما يصدر من قرارات وإجراءات وتوجيهات إلى كونها رابطة وطنية ومنصات التقاء يتشارك الجميع آلياتها ويتفاعل الكل مع مقتضياتها، وقد صاحب ذلك أيضا جملة من الحزم التحفيزية التي اصلت فقه الإنسانية في التعاطي مع متطلبات هذه الجائحة وتأصيل مدخل الوعي في فهم الشعور الإنساني، وعبر تفعيل قطاع الاستجابة الطبية والصحة العامة، وقطاع الإغاثة والإيواء، وتوفير المتطلبات الأساسية والضرورية الطبية والغذائية والتموينية والاستهلاكية في مراكز الإيواء في اطار الخطط المرسومة والجهود التي تقوم بها قوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية وغيرها من الأجهزة العسكرية والأمنية والمؤسسات المدنية والقطاع الخاص في هذا الشأن للحد من انتشار كوفيد 19، وبشكل خاص في المحافظات التي يظهر فيها وجود تزايد في أعداد الإصابات؛ والجهود المبذولة في الترتيب لعودة من يرغب من المواطنين عمومًا والطلبة المبتعثين على وجه الخصوص إلى أرض الوطن، حيث وصل العدد الإجمالي للعائدين إلى أرض الوطن إلى حوالي 3746 مواطنا ومواطنة.
وتبقى الإنسانية العمانية في مواجهة كوفيد19 محطات صنعت الفارق في نواتج العمل وطريقة الأداء حازت على تقدير منظمة الصحة العالمية وصندوق النقد الدولي والمنظمات الدولية ذات العلاقة، وإشادتها بالتدابير والإجراءات الاحترازية التي انتهجتها السلطنة في استجابتها للتطورات المتعلقة بفيروس كوفيد 19، وروح الإنسانية التي جسدتها الممارسة العمانية في التعامل مع المصابين بالمرض لترسم الآمال العريضة والأحلام الكبيرة في مستقبل مشرق تنزاح فيه غمامة الحزن التي أثقلت كاهل البشرية، لتتكشف خلالها أوراق الفرح ونوافذ الأمل وأبواب السلام، لتقرأ العالم في ثوب جديد وممارسة متجددة تأخذ بكل المعطيات مدركة لكل النكبات والسقطات آخذة بالعروة الوثقى والمنهج السليم والروح المعطاءة بما يصنع فرصا أكبر للمراجعة الذاتية والممارسة التأملية والتفكير في خيارات واسعة لقراءة الحياة في ثوب الصحة والسلامة والعافية؛ مرحلة حاسمة تجسد إنسانية القيادة العمانية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لتغترب من مزون الحكمة السلطانية طريقها للخلاص من كومة التداعيات الاقتصادية وغيرها الناتجة عن جائحة كورونا، وتفتح صفحة جديدة يسودها الوئام والاستقرار لبناء حياة متجددة لشعب عمان الأبي، وعبر ما تجسده حكمة القيادة وثقتها بالمواطن من روح المودة والتآلف التي تترسخ في الذاكرة الحضارية للمواطن، وتنعكس على صدق إيمانه وعلو همته ومضاء عزيمته في التعاطي مع هذه الجائحة والتعاون مع القيادة في معركته الكبرى، ملتزما نهج التسامي الفكري والتعايش المعرفي الذي يحفظ مساحات العمل قائمة في أفضل حالاتها وأعظم مساراتها بعيدا عن الإشاعة والتهويل أو الثرثرة والتحريض، مع إبقاء منصات التواصل في أرقى حالاتها، ليقرأ المواطن في ظل هذه المنغصات رسالة الحكمة العمانية، وتتجسد فيها شخصية المواطن المخلص بما يضمن له مسارات الأمان في التزامه، ليعيش حياة الأمان والاستقرار والسلام في نفسه ومجتمعه ووطنه وإدراكه لمسؤولياته نحوها والتزامه الإجراءات المنفذة بشأنها، وهو يضع المواطن والمقيم على حد سواء أمام استحقاقات أكبر في صناعة الفارق بإخلاصه وإنجازاته ومبادراته وعطائه وولائه وانتمائه وحبه لعمان وتعظيم جهود الدولة وما اتخذته من قرارات في الحد من مخاطر جائحة كورونا (كوفيد19).