مناجم القذافي هدف غزوة الاردوغان ايضا

"مناجم القذافي".. هدف غزوة الاردوغان ايضا

"مناجم القذافي".. هدف غزوة الاردوغان ايضا

 عمان اليوم -

مناجم القذافي هدف غزوة الاردوغان ايضا

بقلم : علي شندب

شكّل بيان مجلس النواب الليبي، وما تضمّنه من إجازة "للقوات المسلحة المصرية، التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري"، شكل العدّ العكسي لبدء انطلاق الغزوة الكبرى التي قرّرها الرئيس التركي رجب اردوغان، بهدف السيطرة على مدينتي سرت والجفرة، خصوصا وأن ميليشيات حكومة الوفاق المدعمّة بمرتزقة تركيا المستوردة من شمالي سوريا قد استكملت تحشيداتها، حول المدينتين بوصفهما مغنم الاردوغان وبيت قصيده من جهة، والخط الأحمر للأمن المصري والأمن القومي العربي كما حدّده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من جهة ثانية.

وسط هذا المشهد تزدحم تطورات الصراع على ليبيا بمواقف متباينة الغموض والأغراض للقوى الإقليمية والدولية المتصارعة في ليبيا وعليها. فحقيقة الصراع أنه حول "حصر الإرث" الذي يتفرد اردوغان بمحاولة تنفيذه لثروات ليبيا النفطية، ولما تختزنه رمال صحاريها من ذهب والماس وحديد ويورانيوم ونفط صخري وجبس ورمال السيليكا (السيليكوم) وغيرها من المعادن بالإضافة للثروة السمكيةالضخمة في الشواطىء الليبية.

إنها المعادن والأسماك التي نشرت حولهما "وكالة الأناضول التركية" الأسبوع الماضي، دراسة تفصيليةتحدّد كميات ومساحات ومواقع هذه المعادن المنجمية وأسعارها التقريبية ومرتبتها العالمية. وقد عنونت الأناضول دراستهابـ "حديد ويورانيوم وذهب.. ثروات ليبيا الضائعة"، كما لو أن"الأناضول" اكتشفت البارود.
إنّها الثروات تلك التي تقف وراء قرار الاردوغان بغزو ليبيا بهدف حل مشكلة بلاده التي تعاني ركودا اقتصاديا معطوفا على انخفاض سعر الليرة التركية. وهي الثروات الضائعة التي تستحق أن يغامر الرئيس التركيلأجلها بغزواته مهما بلغت التضحية بالمرتزقة سواء كانوا سوريين أم تونسيين أم مصريين أم كراغلة اخوانيين.

وفي وقت لا صوت يعلو فوق صوت البوارج والأساطيل والقنابل في المخارج والمداخل، بات ممكنالماكينات التضليل الاردوغانية أن تزوّر التاريخ لبعض الوقت، لكن هلبمقدورها أن تزوّر التاريخ كل الوقت؟.
فعشيّة وأثناء عدوان الناتو على ليبيا بشهوره الثمانية، أتيحت لي الظروف بأن أسأل الزعيم الليبي الراحل معمّر القذّافي أمام الكاميرا وخلفها. وفي أحد اللقاءات سألت القذّافي عن سبب عدم استخراج الدولة الليبية لثروات ليبيا المنجمية وغير النفطية، خصوصا وأن مطالب غالبية المتظاهرين في بنغازياقتصادية واجتماعية.

وبعد تنهيدة مغلّفة بابتسامة المرارة، أجابني القذافي "أن ثروة النفط تكفي ليبيا والليبيين بمشاريعهم المختلفة، وأن ليبيا دولة دائنة وليست مدينة، وأنه لا يوجد لليبيا سجل مع مؤسسات التمويل الدولية وصندوق النقد الدولي، فليبيالسيستبحاجةلوصفاتهم،ولا الى أموالهم وبغنى عنها".
ويتابع القذافي "لقد أجرينا الدراسات اللازمة حول الثروات المنجمية من المعادن المختلفة في الرمال والبحار، وقرّرنا أن هذه الثروات هي ملك للأجيال القادمة، فليس من حقّنا ولا من حقّ غيرنا لبعد 500 سنة، مصادرة حقوق ومستقبل الأجيال التي لم تولد بعد". 

لكن وكالة الأناضول قرّرت أن الحديد واليورانيوم والذهب.. ثروات ليبية ضائعة. هي الثروات التي أفصح عنها محافظ مصرف ليبيا المركزي للاردوغان شخصيا، كما أفصح له عن الأموال المجمّدة وغير المجمّدة، وبالأسماء الصريحة او الأرقام الكودية المشفّرة.
إنه الإفصاح الذي ماثله به رئيس المؤسّسة الوطنية للنفط، وهو الإفصاح الذي لأجله سال لعاب الاردوغان، فسيّل أساطيله بهدف السيطرة على سرت لأسباب نفطية، وعلى قاعدة الجفرة لأسباب منجمية.

فمدينة سرت عدا عن كونها عاصمة مدن الهلال النفطي، فهي مسقط رأس العقيد القذافي الذي تمكّن من تحويل المدينة الى عاصمة قارية بشهادة ميلاد الاتحاد الافريقي الذي استولد في قاعاتواغادوغوالتي استهدفها الناتو والكثير من مواقع سرت بالتدمير. كما ان سرت تعتبر ذلك الجسر الذي يجمع شرقي ليبيا بغربها، لكنها لم تعد جسرا منذ أن قتل مجاهدو الناتو واخوانه ذلك البدوي العقيد. 

أمّا الجفرة،فهي كما بات معلوما، عقدة مواصلات ليبيا التي تجمع بين الشرق والغرب والجنوب، كما هي مفتاح إقليم "فزّان" الصحراوي باتجاه المناجم(التي يمنّي اردوغان نفسه بها) في مثلثي "ليبيا السودان مصر"، وأيضا "ليبيا الجزائر النيجر" حيث النفوذ التقليدي لفرنسا في دول الساحل الافريقي.

إنها الثروات التي لأجل قطفها، تعلن تركيا بأن لا هدنة أو وقفا لاطلاق النار، إلا بعد انسحاب الجيش الليبي من قاعدتي سرت والجفرة. إنه الإعلان الذي تقوله تركيا بلسانها الأعجمي غير الفصيح، ثم يردّد صداه كالببغاواتحكومة الوفاق الفاقدة للعصمة السيادية منذ توقيعها تلك الاتفاقيتين مع تركيا. انهما الاتفاقيتين البحرية والعسكرية التي جعلتا العصمة بيد الاردوغان خلعا وتطليقا وتزويجا،ودمجا للميليشيات في اطار ما يسمى "الحرس الوطني". إنّها الميليشيات المصنّفة إرهابية بشهادة "كريستوفر ستيفنز" سفير أميركا المقتول في بنغازي.

هي المصالح الاستراتيجية والاقتصادية، التي أخرجت الولايات المتحدة عن تحفظها في ليبيا. إنّه الخروج الذي عبّر عنه البيان اللافت للسفارة الأميركية في ليبياوقد "أعربت عن انزعاجها من التدخل الأجنبي ضد الاقتصاد الليبي بعد عدّة أيام من النشاط الدبلوماسي المكثف بهدف السماح للمؤسسة الوطنية للنفط باستئناف عملها الحيوي وغير السياسي كوسيلة لنزع فتيل التوترات العسكرية".

وفي تصويب واضح على روسيا قالت السفارة "إنّ غارات مرتزقة فاجنر على مرافق المؤسّسة الوطنية للنفط، وكذلك الرسائل المتضاربة المصاغة في عواصم أجنبية والتي نقلتها ما تسمّى بالقوات المسلحة العربية الليبية في 11 يوليو، أضرّت بجميع الليبيين الذين يسعون من أجل مستقبل آمن ومزدهر".

وإذ أكدت السفارة الأميركية "التزامها بالعمل مع المؤسّسات الليبية المسؤولة، مثل حكومة الوفاق الوطني ومجلس النواب، لحماية سيادة ليبيا، وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، ودعم إجماع ليبي على الشفافية في إدارة عائدات النفط والغاز"، لم تنسى أن تلّوح بعصا العقوبات الغليظة ضد "أولئك الذين يقوّضون الاقتصاد الليبي ويتشبثون بالتصعيد العسكري سيواجهون العزلة وخطر العقوبات".

بيان السفارة الأميركية أضفى على مجلس النواب وحكومة الوفاق نوعا من الاعتراف بهما، لكنه الاعتراف الذي أنكرته السفارة الأميركية عن الجيش الليبي عندما وصمته بعبارة "ما يسمى" بالقوات المسلحة العربية الليبية. إنه الإنكار الذي لم يساو حتى بين الجيش الليبي وبين الميليشيات التي تصنّف واشنطن ومجلس الأمن بعض مسؤوليها إرهابيين.
إنّه الإنكار الذي يلغي مفاعيل امتداح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدور قائد الجيش الليبي خليفة حفتر "الجوهري في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، والحاجة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا".

وبعيدا عن مآلات الحرب الوشيكة وفق تقارير كثيرة، يمكن القول أن ما يجري اليوم هو الحلقة الأخيرة من المسلسل الذي انطلق مع عدوان الناتو عام 2011،والذي تفرّع عنه ما عرف بالناتو العربي الذي تسيّدته قطر،حيث التزم حمد بن جاسم توجيه الجامعة العربية باتجاه تشريع العدوان عبر مجلس الامن، كما التزم حمد بن خليفة دور المتعهد اللوجستي والمالي والميليشياوي لثوار الناتو ومجاهديه، والتزم يوسف القرضاوي اصدار الفتاوى غب الطلب الذي تقتضيه مصلحة الاخوان لا الإسلام. وبدت غالبية دول المنطقة المنخرطة في عدوان الناتو بمن فيهم تركيا الاردوغانية أشبه بكومبارس لدور قطر المنفوخ.

في عام 2020 تفرّق عشّاق الناتو، من قبل أن ينعيه الرئيسالفرنسي ايمانويل ماكرون ويصفه بالميت سريريا، بل ومن قبل أن يطلب ترامب من المستشارة الألمانية ميركل أن تدفع بلادها المليارات لقاء حمايتها.إنها "الإتاوة" التي وضعت اوروبا أمام تحد جيوسياسي وجودي منذ أن وصفها دونالد رامسفيلد بـ "اوروبا العجوز" خلال غزو العراق عام 2003،وها نحن اليوم نشاهد اوروبا المنقسمة حيال "الناتو التركي"وغزوته الهادفة لحصر إرث ليبيا وميراثها.

إنها الغزوة الثلاثية الأبعاد، تلك التي تسير على مفترق طرق قارية، ليبية، متوسطية وافريقية.
كما إنهاالغزوة التي اذا لم تأكلها أسماك البحر المتوسط في خليج سرت، وتدفنها معادلة الخط الأحمر والأمن القومي المصري في صحراء الجفرة، فسيكون لها ارتدادات خطيرة وخطيرة جدا.ليس بمقدور أحد بعدها التنبؤ بمسارات "مفرمة الاردوغان" التي يرجح أنتجعل كثيرين يترحمون على غزوات ايران وأذرعتها.

علي شندب محلّل سياسي لبناني 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مناجم القذافي هدف غزوة الاردوغان ايضا مناجم القذافي هدف غزوة الاردوغان ايضا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 04:59 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab