بقلم : سالم بن حمد الجهوري
التغييرات التي طالت قيادات الدولة وإعادة الهيكلة بدمج العديد من الوزارات والمؤسسات معا وتقليصها من ٢٦ وزارة إلى ١٨ وزارة، وكذلك الهيئات من ١٩ إلى ١٠ كيانات، وضخ المزيد من الدماء الشابة، كلها تهيء عمان لمرحلة جديدة تنطلق فيها إلى آفاق أرحب تمهيدا لبدء تطبيق رؤية عمان ٢٠٤٠ في الأول من يناير القادم. مرحلة التغييرات انتهت، لتبدأ مرحلة التطبيق، وهذا هو الاختبار الأكبر، فإذا كان الجميع عند تحقيق هذا الرهان الذي ينظر إليه المواطن بأنه مرحلة لتغيير المفهوم الشامل في إدارة الدولة وفاعلية آلياتها وأدواتها لتقديم صورة مختلفة عن العشرين سنة الماضية على الأقل، فيها ترهلت بعض الوزارات والمؤسسات مما أعاقها عن تحقيق أهدافها التي ترتكز على النمو والتطوير وتعظيم عائدات الاقتصاد. المرحلة القادمة التي يدركها الجميع هي مرحلة يراد لها أن تكون تماما مختلفة عن سابقتها ومتوازنة بين مصالح الدولة والمواطن وتستطيع أن تنجز ما عليها من استحقاقات وأن تقلل من الهدر في أشياء كثيرة، وأن تركز على إنتاج الموظف وتساهم في تعزيز دور الفرد. اليوم، ونحن على مشارف المرحلة الجديدة التي تفصلنا عنها بضع شهور، لابد أن تكون الرؤية واضحة للجميع في استثمار كل ما يمكن أن يضيف إنتاجا لهذا البلد ويخفف من معاناة المواطن في الحصول على الخدمات التي تساهم في استقراره وتزرع فيه السكينة والطمأنينة على مستقبله وأسرته وتدفعه إلى أن يكون شريكا حقيقيا في البناء. وهذا لن يتحقق إلا بالرغبة الصادقة في التغيير والتطوير إلى الأفضل، لأن تغيير الأنماط السائدة التي استقرت في قناعات البعض وهُم بعض من الموظفين لن تتغير مالم تكن هناك إرادة أقوى من رغباتهم في البقاء على نفس المنوال خاصة تلك التي تلامس احتياجات المواطن اليومية. وهذا ما سنواجهه ونلمسه على الأقل في السنوات الثلاث الأولى من تنفيذ الرؤية، التي ترتكز على محاور عصرية يراد لها أن تنقل عمان من حال إلى حال، تواكب فيه العصر والمتغيرات التي تستجد بين فترة وأخرى وهذه سنة الحياة، منذ أن خلق الله البشرية على هذا الكوكب. التحدي الأهم والأعظم ما سنواجه من عدم قدرة البعض على التغيير والتكييف مع الوضع، وسيحتاج ذلك إلى وقت، وقد يشكلون عقبة في المشروع القادم للبقاء على ماهم عليه. في الوقت الذي يحتاج فيه المواطن إلى مفهوم مختلف للتعاطي مع مصالحه الجديدة فالأمر ليس تسابقا مؤقتا في إرضاء بعض شرائح المجتمع، لكن في استمرارها. نريد قناعة مترسخة ليستمر التغيير، وأن لايكون مؤقتا نعود بعده إلى المربع الأول الذي اجتهدنا كل تلك السنوات الماضية لمغادرته إلى مربع آخر يستوعب الجميع. المهام جسام، والصعوبات في الأفق والطريق طويل مليء بالتحديات، لكن بالقناعة أولا وبالإرادة ثانيا سنصنع ذلك الفارق في تطوير حياتنا في المستقبل القريب، من خلال خدمات متنوعة واقتصاد أكثر حيوية وتشريعات توجد مناخا من الجاذبية لاستقطاب العالم إلى هذه البقعة التي حباها الله بنعم لا تُعد ولا تُحصى، وإلى تعليم متقدم وجامعات ذات جودة وفرص عمل مغرية واستثمارات تخدم عمان وأسواقها المجاورة وإلى صناعات نفتخر بها وتطوير للتقنيات العلمية وبنية أساسية أكثر قدرة على استيعاب المستقبل واعتماد الشفافية كمنهج ووسائل إعلام وصحافة قادرة على مواكبة هذا التغيير.