بقلم:مشاري الذايدي
الأستاذ محمد السيف باحث سعودي معروف، له إسهام ثقافي رصين، بخاصة في مجال السير الذاتية للشخصيات السياسية والإدارية والأدبية السعودية، إلى ذلك هو رئيس تحرير المجلّة العربية، ذات الإرث العريق في عالم النشر الأدبي العربي منذ انطلاقتها بأمر من الملك فيصل بن عبد العزيز سنة 1974.
لماذا أذكر الأستاذ السيف؟
لفتني تعليق كتبه على حسابه بـ«تويتر»، وهو ينتقد صاحب حساب نشط بـ«تويتر»، ممن يقدّمون «المحتوى» الثقافي المنوّع، وسبب الانتقاد أن صاحب الحساب هذا، نشر ما يوصف بـ«ثريد» على «تويتر»، أي تغريدات متتابعة، عن موضوع واحد.
محتوى «الثريد» هذا عن شخصية الكويتي الإخواني المثير للجدل د.عبد الله النفيسي، واعداً صاحب الحساب هذا، متابعيه، بكشف أسرار هذه الشخصية المتقلّبة، وعلاقته بحركة جهيمان... تابعونا!
كتب محمد السيف مخاطباً هذا الشخص التويتري:
«علي العميم أول كاتب تنبّه إلى خطورة أفكاره وكشف عن تقلباته الفكرية وتناقضاته، ونبّه إلى أنه تكفيري عبر مقالات كتبها قبل 15 سنة في مجلّة (المجلّة)، ثم جمعها في كتاب: عبد الله النفيسي الرجل - الفكرة - التقلّبات».
يشير هنا إلى اسم الباحث والناقد والصحافي السعودي الكبير علي العميم، وهو من أسرة جريدة «الشرق الأوسط»، في قسمها الثقافي، كما أنه كاتب اليوم فيها، وهو صاحب كشوفات وحفريات نقدية ثقافية على صعيد العالم العربي قاطبة... ومن يقرأ علي العميم جيّداً يعرف عن ماذا نتحدث.
يتابع محمد السيف نقده لصاحب الحساب التويتري الذي مجّد ذاته بـ«كشف» خفايا النفيسي للناس، فقال: «ومع أنك اتكأت على معلومات من هذا الكتاب إلا أنك لم تعزها إلى مصدرها».
هذه المسألة الكبرى التي أرغب في لفت النظر لها، وهي السطو والاستباحة التي تتعرض لها أبحاث الباحثين، وكتب الكاتبين وجهد المجتهدين، من طرف نجوم «السوشيال ميديا»، على «تويتر» و«سناب شات» و«يوتيوب» أحياناً.
نظلّ في «تويتر»، تجد صاحب حساب «منوّعات» يكتب عن حدث تاريخي أو شخصية معيّنة أو مفهوم ما، ثم يشحن الكلام بـ«شوية» صور وغرافيكس، وإذا كان فيه فيديو مصاحب فيه مؤثرات موسيقية حماسية، فـ«يا سلام»! يذيّل ذلك بقوله: إذا كنت مشغولاً فدعها في المفضّلة.
جلّ المادة التي يحقن بها هؤلاء ما يُظنّ أنها من عندياتهم، موادّ مسلوبة ومسلوخة من صحافيين جادّين وباحثين رصينين، و«لا من شاف ولا من دري»!
كارثة عواقبها «وأد» الإبداع والرغبة في التعب اللذيذ من أجل بهجة المعرفة، وليس ثمّة أي قوانين رادعة والأهمّ: لا يوجد ثقافة عمومية تنفّر من هذا الصنيع وتشمئز منه في «حراج» ومزادات «السوشيال ميديا».