بقلم:مشاري الذايدي
هناك مقولة بلهاء يردّدها بعض الناس - عن حسن نيّة غالباً - وهي أن حوادث الإرهاب انتهت في السعودية، وأنها في الماضي «كلها» كانت «صناعة» متعمدة من طرف مسؤولين «خونة» سابقين، بهدف حلب المال العام، أو بهدف تمرير برامج سرية، وخدمة أجندة خطيرة غير معلنة.
نعم ثمة من كان يوظّف الإرهاب ويستديمه لأهداف آيديولوجية وشخصية ما، هذا لا ريب فيه، ويكفي استعراض فكر الذين كان يُوكل لهم من طرف مثل هؤلاء الهاربين اليوم للحضن الغربي الدافئ، يُوكل لهم مناصحة ومعالجة فكر تنظيم «القاعدة» وأعضاء التنظيم الموقوفين... وكان هؤلاء «الأطباء» الفكريون قطعة من الداء أصلاً، ولذلك لا نسمع لهم اليوم حسّاً، ولا ركزاً، لأننا في عهد «الاعتدال» الحقيقي، لا المزيّف بواسطة مشايخ الصحوة والحركيين، الذين كانت تُعطى لهم راية قيادة الفكر و«المناصحة» سابقاً.
كل هذا معلوم، والناس الحصفاء في السعودية يعرفون كيف تمّت هذه الأمور، وسيكشف التاريخ قناع كل الحقائق أو جلّها يوماً ما.
بالمناسبة أرجّح أن كتبَة التاريخ وموثّقي الحِراك الاجتماعي والفكري في السعودية، لم يفلحوا بعد في توثيق مرحلة «القاعدة»، وقبلها وخلالها وبعدها «زمن الصحوة»، وفي ظنّي هذا خلل كبير وفتق عظيم، لأنه يسمح بتكرار هذه الأفكار وإعادة هذه المقولات والأجواء، في إرهاب جديد، بخاصة لدى أصحاب العقول «الغضّة» التي لم تخالط هذه المراحل.
على كل حال، فإن الخبر التالي، يُفصح عن الكثير:
أعلنت الداخلية السعودية أمس (الأربعاء)، عن توقيف شخص يستقلّ سيارة قرب القنصلية الأميركية بجدة حاملاً سلاحاً نارياً. وأضافت في بيان، أن الجهات الأمنية تحركت وتبادلت النار مع حامل السلاح ما أدى إلى مقتله.
كما تابعت أن أحد العاملين في الحراسات الخاصة من الجنسية النيبالية قد تعرّض إلى إصابة أدت لوفاته، ولفتت إلى أن الحادث وقع عند الساعة 6:45 من مساء الأربعاء.
الهجوم على القنصلية الأميركية في جدّة ليس سلوكاً جديداً لتنظيم «القاعدة» - على فكرة نحن لا نعلم يقيناً هوية الجهة التي استهدفت القنصلية مؤخراً - لكن سبق لـ«القاعدة» اقتراف هذا العمل في 2004 و2016 هذا نهج معلوم لهم، لم ولن ينتهي، بخاصة إذا كانت تؤزّهم على هذه الأعمال جهات خارجية ما، يعلمها فقط «نخبة» من قيادات «القاعدة»، ولا يعلم عنها رعاع «القاعدة».
العبرة من ذلك، هي أن الإرهاب وفكره ومن يحرّكه، ليس مرحلة يُنتهى منها، بل معركة وعي وأمن مستمرة، ما دام الأذى جزءاً أصيلاً من الحياة.