فتاة ألاباما السمينة

فتاة ألاباما السمينة

فتاة ألاباما السمينة

 عمان اليوم -

فتاة ألاباما السمينة

بقلم - مشاري الذايدي

 

قال القدماء حكمة ما زالت فعالة اليوم، وهي: إذا زاد الشيء عن حده انقلبَ ضده.

لعلَّه يحسن استحضار هذه الحكمة ونحن نراقب هذا الهيجان المستمر منذ سنوات، هيجان آتٍ من قلاع الغرب الليبرالي، المتطرف في أفكار المساواة الجامحة، لدرجة تصل أحياناً للاعتساف والشطط الفج.

قبل أيام، تصدرت صور سارة ميليكين، عارضة الأزياء ذات الحجم الزائد، عناوين الأخبار ومواقع التواصل على السواء.

تُوّجت تلك الشابة الأميركية، البالغة من العمر 23 عاماً، والتي تعاني من السمنة المفرطة، ملكة جمال لولاية ألاباما الأميركية. من الطبيعي أن يثير الأمر الضجة؛ لأنَّه دخل على مسابقة مصممة لانتخاب أجمل فتاة، وفق معايير معينة اتفق عليها غالب الناس، والأكيد أنَّ السمنة «المفرطة» ليست من هذه المعايير.

شنَّ العديد من معلّقي الإنترنت موجة سخرية من الفتاة واللجنة والحادثة كلها، انتقد الكثيرون على مواقع التواصل لجنة التحكيم التي انتخبتها؛ ظناً منها أنَّها تشجّع على الاختلاف والتنوع، وليس تنميط الجمال.

اعتبر الناقدون، حسب خبر «العربية»، أنَّ هذا الانتخاب لصبية بهذا الحجم يرسل رسالة خاطئة إلى العديد من الشابات المراهقات، مفادها أنَّ السمنة المفرطة أمرٌ جيد يجب الترحيب به. المشكلة، كما لاحظ البعض، أنَّ هذا الاختيارَ من اللجنة «يطبع» وضعاً خاطئاً، ويروّج ثقافة ضارة صحياً، وهي السمنة المفرطة «اختيارياً» بسبب سلوكيات نابعة من الإنسان، وليست نتاج وضع مرَضيّ قاهر، خاصة في الولايات المتحدة التي تبلغ فيها معدلات عالية عالمياً، ففيها وحدها، ارتفع المعدل العالمي للسمنة بين النساء من 8.8 إلى 18.5 في المائة، وتضاعف ثلاث مرات تقريباً بين الرجال من 4.8 في المائة إلى 14.0 في المائة، بين عامي 1990 و2022، وفقاً لبحث مستمد من أكثر من 3600 دراسة.

عالمياً، ووفقاً لتقرير «العربية» السالف، هناك دراسة جديدة نُشرت في مجلة «لانسيت» العلمية المرموقة، تذكر أنَّ أكثرَ من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من السمنة، ما يزيد من خطر الأسباب الرئيسية للوفاة، والأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسرطان والسكري. ربما تكون هناك رسالة لطيفة عاطفياً وراء هذا الاختيار، لكن خلفها أيضاً آيديولوجيا عليلة أيضاً؛ وهي ضرب المعايير، بل حقائق التاريخ، مثل إقحام شخصيات من أصحاب البشرة السوداء والسمراء في قصص تاريخيّة من قلب أوروبا في القرون الوسطى وما بعدها، في زمن لم تعرف فيه أوروبا عامة الاختلاط بقوم من هؤلاء.

ومثل ذلك «فرض» حضور الشخصيات الآسيوية من الصين أو كوريا واليابان مثلاً في مثل ذلك، والآن شخصيات من الشرق الأوسط؛ هرباً من تهمة الإسلاموفوبيا. نحن هنا أمام تصرفات تبشيرية وعظية عقائدية لا علاقة لها بالفن والتاريخ والجمال.

«القبيح» في ذلك أنَّ هذا الاندفاع الأهوج يضرُّ من يريد الدفاع عنهم من حيث أراد نفعهم، إن صدَّقنا حسن نيات الفاعلين في هذه الميادين.

حين تضفي دوراً مكذوباً، أو تمنح صفة مغلوطة، لطرف معين، فإنَّك «أوتوماتيكياً» تستفز كل حجج التكذيب والتفنيد لدى الطرف الذي تريد إقناعه «بالعافية» برسالتك هذه، ومن ذلك الهجوم الشرس الذي تعرضت له الفتاة الأميركية «الغلبانة» من ولاية ألاباما!

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فتاة ألاباما السمينة فتاة ألاباما السمينة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab