العُلا لقطة من القرن الثامن

العُلا... لقطة من القرن الثامن

العُلا... لقطة من القرن الثامن

 عمان اليوم -

العُلا لقطة من القرن الثامن

بقلم:مشاري الذايدي

شاهدت خبراً عن اجتماع سعودي فرنسي، عُقد بباريس، معني بشؤون الثقافة والسياحة، كان موضوعه الرئيس التنمية الثقافية التراثية في العُلا جوهرة التاج السعودي في معرض الثقافة والتراث والسياحة الراقية.

الاجتماع ترأسه من الجانب السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة محافظ الهيئة الملكية للعُلا، ومن الجانب الفرنسي وزير أوروبا والشؤون الخارجية في جمهورية فرنسا جان نوبل بارو، والهدف بحث الجهود الرامية لتحويل العُلا إلى وجهة سياحية ومركز ثقافي عالمي.

بالمصادفة، وجدت حديثاً رائقاً عن العُلا ضمن عشقي لمطالعة كتب الرحلات عبر التاريخ للجزيرة العربية، إذ إن هذه الكتب حافلة بمعلومات ثرية ونادرة أحياناً، سواء كتب الرحّالة غير المسلمين، أو كتب الرحالة المسلمين، ومن أهم هذا القسم الأخير: رحلات الحج والعمرة.

الكتاب اسمه «حقيقة المجاز إلى الحجاز» ومؤلفه العلاّمة الدمشقي خليل بن أيبك الصفدي، المعروف اختصاراً في كتب التراث بـ«الصلاح الصفدي»، وهو مؤرخ جليل وأديب كبير، متفنّن المعارف، توفي سنة 764 هجرية، 1363 ميلادية، يصف رحلة الحج والزيارة التي قام بها مع الحملة الشامية (المحمل الشامي) من دمشق حتى المدينة ثم مكة، وطريق العودة لدمشق.

الصفدي حجّ سنة 755 هجرية، الموافقة 1354 ميلادية، وقد ضمّن رحلته ملاحظات ومشاهدات جميلة، لا سيّما وهو صاحب الذائقة الأدبية والروح العلمية، ومنها حديثه عن محطّة العُلا في الذهاب والإياب، فقد كانت المدينة وجبالها وواديها مستراحاً ومنهلاً للحاج، ونقطة تزوّد بالمؤن وتبديل الدوابّ الهزيلة، وغير ذلك من المنافع، لكن لفتني أنها أيضاً كانت محطة ثقافية سياحية، منذ ذاك الوقت!

لما ورد الركبُ الشامي على العُلا، قال أديبنا الصفدي:

مدّت الأرضُ بالجبال خِوانا ما عليها من النبات طلاوة

وصحونُ الصخور قد نحتوها فعليها من النحيت حلاوة.

ثم يصف أول نشاط قام به صحبه في جبال الحِجر بالعُلا، فقال بالنص:

«فمال إليها بعض الناس وعرّج ودخل إليها وتفرّج».

وإليك هذا النص الجميل لصاحبنا:

ولما لاحت لنا جبال العلا واطمأنت بتلك نفوس الملا، وسكن روع الظمآن، وأنِس بالحياة بعدما ظنَّ أن حَيْنه قد حان، رأيتُ جبالاً ما رأيتُ مثلها، ولا توهّمت المُنى مَنالها، ولا ضمّت العيون أميالها، فقلتُ:

«في جبال العلا لمن مرّ فيها ورأى شكلها مراءٍ عجيبة

نسفتها الرياح والغيث حتى برزت في تشكّلاتٍ غريبة!».

وفي طريق العودة من رحلة الحج باتجاه مدينته دمشق، قال الصفدي، وكان حصانه «الإكديش» قد هلك بسبب التعب:

«وصلنا إلى العُلا، ورأينا نخيلها ذوات الحَلى، فنزلنا منزلها ووردنا منهلها، ووجدنا الكِرا قد غاب لعدم الجلاّبة، ووجود من يحمل أثقال الركب ويؤكد أسبابه، فتضاعفت الأجرة وخرجت عن القدر المعتاد».

نحن أمام «لقطة» فوتوغرافية لكن من حروفٍ، من القرن الـ8 الهجري، الـ14 الميلادي، تكشف عن حيوية العُلا، تجارياً واجتماعياً... وثقافياً وسياحياً.

فقط أحببتُ مشاركتكم متعة التأمل في هذه اللقطة.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العُلا لقطة من القرن الثامن العُلا لقطة من القرن الثامن



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab