دومينو السقوط وسيناريو ما بعد هزيمة ترامب

دومينو السقوط وسيناريو ما بعد هزيمة ترامب

دومينو السقوط وسيناريو ما بعد هزيمة ترامب

 عمان اليوم -

دومينو السقوط وسيناريو ما بعد هزيمة ترامب

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

 سقط الفيل الجمهوري وجذع خرطومه، وفقأ الحمار الديمقراطي عينيه فعمي، وضرب بالولايات المتأرجحة رجليه فترنح فاقداً اتزانه خائر القوى، ثم سقط على الأرض صريعاً وقد خسر، يتخبط وقد صدم، إلا أنه لم يسلم بالهزيمة ولم يقبل بالخسارة، فعلا صوته وصخب صراخه، وهدد بكلماته وتوعد بسلطاته، وداس بأقدامه الثقيلة القيم الأمريكية والأعراف الديمقراطية، وسف بكلماته وسب وشتم ولعن، ولجأ إلى رصيده الكبير من الوضاعة والعنصرية، والهمجية والديماغوغية، فسفه العقول وتطاول على الأحكام، واستخدم غباءه في إنكار الحقائق وتكذيب الأرقام ونفي الوقائع، إذ لم يصدق ما أصابه وهو الذي كان يمشي على الأرض كالطاووس مرحاً، ويخطو فوق ترابها كالملك مختالاً، بغطرسةٍ وكبرياء، وجنونٍ وغباء.

 سقط العتل الزنيم، المعتدي الأثيم، الأفاق الذميم، الكذاب الأشر، الفاجر الشره، المغرور المهين، الذي علا في الأرض وبغا، وظلم واعتدى، وظن أنه بصرحه قد بلغ الأسباب، ولكنه خَرَّ من السماء وسقط، وتكسرت عظامه وانعقد من الأسى لسانه، وانتهى زمانه وتجهز للرحيل رجاله، إذ لا مقام لهم بعده، ولا وجود لهم دونه، فقد كان هو سندهم ورافع شأنهم، نفخ في بوقهم شروره، وأودعهم خبثه، فأعلن صهره كوشنير وزوجته، وسفيره في الكيان ومحاميه الأول دافيد فريدمان، ومعهم جيسون جرينبلات وفريقهم، عزمهم على طي متاعهم والرحيل، وهم يعضون أصابع الندم إذ لم يقفزوا من القارب قبل أن يغرق، ويفارقوا الربان الذي أغراهم بسفهه، وشجعهم بجنونه، وأيدهم بجهله.

 لكن الخيمة التي سقط عمودها، وانهارت ساريتها، سيتفرق من كانوا تحتها، وسينفض من التفوا حولها، ولن يبق أحدٌ يتمسك بها أو يأمل فيها، فهي لم تكن تستر وهي قائمة، ولم تكن تنفع وهي منصوبة، فكيف بها الآن وقد تصدعت وغدت ركاماً فوق بعضها، فإن تداعيات السقوط ستتوالى، وارتداداته الاهتزازية ستستمر، ولن تقف عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية، بل ستصيب لعنة الهالك ترامب أنظمةً كثيرةً وحكوماتٍ عديدةً، ممن أشادوا به وراهنوا عليه، وظنوا أنه المُنَجّي والمنقذ، والحامي والسند، والحليف والوتد، فإذا بها ينهار أمامهم ويسقط قبلهم، كجذع نخلٍ هاويةٍ لا ترى له من باقية، فهل سيطول بهم البقاء بعده، أم أنهم سيلحقون به سريعاً، وسيقتفون آثاره يقيناً، وسيلقون مصيره أكيداً.

 أكاد أجزم أن أنظمةً كثيرة ستسقط، وأخرى ستنهار قوائمها، وستتزعزع قواعدها، وإن كنت لا بد مصرحاً، فإن أول الساقطين سيكون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يرفض الاعتراف ويصر على الانتظار، ويصلي سائلاً ربه معجزةً تنقذ حليفه، ومفاجأةً تعيد الحياة إلى رفيقه، فقد راهن عليه كثيراً، واعتمد عليه طويلاً، وبنى معه الآمال العريضة، وعلق عليه مشاريعه العظيمة، ولكنه رحل وتركه في عين العاصفة، يواجه الأخطار والأنواء، ويتعرض للأمواج العاتية والعواصف الشديدة، ولعله يشعر اليوم بدنو الأجل وقرب الخاتمة، رغم أنه يعاند ليبقى ويقاوم ليستمر في منصبه، ويكابر جهلاً وغباءً، إلا أنه حتماً سيسقط وسينتهي، وسيخلع أو يرحل، فإما تدوسه أقدام المتظاهرين الغاضبين، أو يسوقه القضاة إلى السجون والزنازين، أو ينتهي به الحال إلى الجنون وفقدان العقل.

 لن يكون نتنياهو وحيداً، ولن يلق مصيره المحتوم منفرداً، بل سيأخذ معه أصدقاءً حالفهم، وآخرين جلبهم ترامب بالعصا واقتادهم بالجزرة، ولكنه رحل قبل أن يثبتهم، ومضى قبل أن يطمئن عليهم، فغدوا بسقوطه أيتاماً على موائد شعوبٍ ظلموهم وآذوهم، واعتدوا عليهم وأهانوهم، وأهدروا كرامتهم وأساؤوا إليهم وصادروا حريتهم، ونسوا أن شعوبهم لهم بالمرصاد، وأن أقدار الزمان تترصدهم وسنة الحياة تترقبهم، فاستحقوا هذه الخاتمة التي تليق بكل من راهن على العدو واستنصر به، وآمن به وصدقه، وتحالف معه وأيده، فهل يجدون لهم اليوم من دون الله نصيراً، وعند شعوبهم لهم شفيعاً، أم تراهم يستغلون ما حدث للتوبة والإنابة، والتغيير والتصحيح، والاعتذار والاعتبار.

برحيل البغي الدعي الأفاق الكذاب ستنكشف الغمة، وتنتهي المحنة، وتضع الحروب أوزارها، وتسكن البوم والغربان أوكارها، ويرفع الضيم عن الشعوب المغلوبة والأمم المقهورة، ويجد الظالمون أنفسهم غرباء وحيدين، ضعفاء منبوذين، لا يجدون من ينصرهم ويؤيدهم، ولا من يزودهم بالسلاح ويدعمهم، وسيضطرون إلى احترام غيرهم، ووقف العدوان عليهم، وترك شعوبهم وشأنهم، يقررون مصيرهم بأنفسهم، ويختارون نظام حكمهم، وينتخبون من يثقون فيه ويطمئنون إليه حاكماً، ليكون خادماً لهم حريصاً عليهم.

 لست مراهناً على الجديد ولا مؤمناً بعدالته، أو مسلماً بنزاهته، أو متوقعاً نصرته، فهو في عرفي والهالك سواء، لا يختلف عنه في شيءٍ إلا في نعومة ملمسه، وخفوت صوته، وهدوء حركته، ولكنه كمن سبقه غادرٌ حاقدٌ، ماكرٌ خبيثٌ، يلدغ كالأفعى ويقرص كالعقرب، ذلك أنه يمثل إدارةً قديمةً ودولةً عميقةً، لها استراتيجيتها وعندها منهجها، تؤمن بمصالحها وتعمل لخدمة أهدافها، ولا يؤمن بحقوقنا ولا ينتصر لنا، ولا يساند قضايانا ولا يرد الظلم عنا، ولا يعاقب من اعتدى علينا ولا يحاسب من احتل أرضنا، بل سيبقى ينصره ويدعمه، ويسانده ويؤيده، ويقف معه ويساعده، تلك هي الولايات المتحدة الأمريكية، الأفعى الرقطاء التي تغير جلدها، ولكنها تبقي على سمها الزعاف قاتلاً، ولا تتخلى عنه أبداً.

 

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دومينو السقوط وسيناريو ما بعد هزيمة ترامب دومينو السقوط وسيناريو ما بعد هزيمة ترامب



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 18:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 عمان اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab