نسمع صوتنا ونرى وجهنا

نسمع صوتنا ونرى وجهنا

نسمع صوتنا ونرى وجهنا

 عمان اليوم -

نسمع صوتنا ونرى وجهنا

بقلم: طارق الشناوي

كثيرًا ما يصادفنى فى الشارع، من يسألنى والحسرة تنطق بها عيناه قبل لسانه، عن التردى الحادث فى الحياة الفنية، محملًا أغانى المهرجانات ومحمد رمضان وعددًا من المسلسلات والأفلام سر كل الموبقات التى تجرى فى الشارع، وكأنه يعفى نفسه تمامًا من أى احتمال لخطأ ما، من الممكن أن يكون قد ارتكبه، متجاهلًا هذا البيت من الشعر الذى كتبه الإمام الشافعى: (نعيب زماننا والعيب فينا/ وما لزماننا عيب سوانا)، نعم نحن من لعبنا دور البطولة فى الحالة التى وصلنا إليها وعلى كل المستويات.

أستمع فى البداية إلى خطبة عصماء، عن زمن يصفونه بالجميل، ومن وجهة نظرهم أنه كان ناصع البياض، ونجومه ملائكة لا ينقصهم سوى الأجنحة، وعندما تأتى إجابتى أن الماضى مثل الحاضر به قبح وجمال، وأننا نحكم على الزمن القديم من خلال ما تبقى فى الأرشيف من أعمال فنية، وهى الرائعة، سواء من الأفلام أو الأغنيات، ونغفل أنها لا تمثل أكثر من 10 فى المائة فقط، من هذا الماضى الذى صار عند البعض مقدسًا، بينما الباقى كان رديئًا، وهو ما نعيشه بالضبط الآن، وبعد أن أنهى إجابتى أشعر بالخذلان فى نبرة صوت السائل، ويصبح السؤال مباشرة: كيف تقول ذلك يا أستاذ؟، أردد مبتسمًا: سألتنى لتعرف إجابتى أم إجابتك؟.

لسانهم يقول رأيًا، ويريدونك مجددًا أن تكرره لتسمعه آذانهم. ليست فقط تلك هى المشكلة، ولكن عقولهم فى العادة لا تسمح برأى آخر، إنه الكسل الذهنى، الذى أصاب عددًا كبيرًا من البشر، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى، كان من المفترض أن تتعدد زوايا الرؤية، ونرى الكل يعبر عن موقفه، إلا أن الحادث على أرض الواقع أن هناك «التريند» الذى يعنى الإجماع. نعم فى النهاية يصل أغلبهم إلى شاطئ واحد، ورأى واحد، وتلعب نظرية «الطابور» دورها، وهو الانحياز لما نراه يتوافق مع الأغلبية، ننتظم كلنا خلف موقف محدد، ونميل عادة لأحد اللونين، أبيض أم أسود، ولا نؤمن بأن الحياة فى أغلب جوانبها رمادية.

لديكم هذا السؤال الذى احتل فى الشهور الماضية المقدمة ولا يزال: هل بوتين مجرم حرب، أم بطل عالمى، يدافع عن الأمن القومى لروسيا، ويتصدى بشراسة لسطوة أمريكا وأوروبا على مقدرات الشعوب؟.

أغلبنا لديه إجابة واحدة مطلقة، مجرم أم بطل، وتختفى أى مساحة أخرى، ربما تستمع إلى تلك الإجابة التى صارت هى أيضًا (كليشيه) رددناه منذ تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك (له ما له وعليه ما عليه).

ونتهم عادة صاحب الرأى الذى يقف فى منتصف المسافة بالهروب من الإجابة، كيف تعلى من قيمة استخدام السلاح، على حساب كل المعايير الإنسانية؟!، متجاهلين أن هناك قتلى وجرحى ومشردين وضحايا بالملايين، وغلاء يضرب العالم بضراوة. ما ذنب المواطن أيًا كانت جنسيته، أن يدفع ثمن تلك الحرب من دمائه وأمواله؟!.

ورغم ذلك، أنا أرى أن استخدام السلاح الثقافى فى عقاب روسيا خطأ استراتيجى. المقاطعة، سياسية أو اقتصادية، ممكن أن أتفهمها، ولكن كيف نصل للمقاطعة الثقافية؟، تمنع المهرجانات الكبرى، الأوروبية تحديدًا، الفنان الروسى من الاشتراك بعمله الفنى!. أفهم مثلًا أن الأفلام التى تدافع عن موقف الرئيس الروسى بوتين أو تتناوله كبطل لا يسمح لها بالعرض فى المهرجان لأنها تقدم دعاية فجة، ولكن كيف نطلب مثلًا من قائد أوركسترا روسى يعيش فى ألمانيا أن يهاجم رئيسه، حتى يواصل قيادة الأوركسترا فى برلين أو ميونيخ؟!، نرفض أن يستغل الحفل فى الدفاع عن الاجتياح الروسى لأوكرانيا، ولكن أيضًا لا تتم مقايضته فى البقاء، مقابل أن يعلن إدانته المطلقة لبوتين.

يبدو أن كلًا منا صار يعيش فى غرفة متعددة المرايا، بين الحين والآخر نفتح الغرفة لزائر، نريد منه أن يتحول هو أيضًا إلى مرآة إضافية، لنرى فقط فى عينيه وجهنا، ونسمع فقط فى أذنيه صوتنا!!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نسمع صوتنا ونرى وجهنا نسمع صوتنا ونرى وجهنا



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
 عمان اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية
 عمان اليوم - تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab