بقلم : طارق الشناوي
من الصين اقتحمت (السوشيال ميديا) وحققت (ترند) لتصبح الأكثر مشاهدة في عالمنا العربي، إنها الفتاة الصينية (آسيا) العاشقة للضحكات المصرية، خصوصاً تلك التي يطلقها عادل إمام.
اختارت أحد مشاهد مسرحية (شاهد ما شافش حاجة)، تحديداً الحوار الذي جرى بين عادل إمام وحاجب المحكمة، أثناء محاكمة عادل عن جريمة قتل لم يشاهد فيها (أي حاجة)، ومن هنا جاء عنوان المسرحية، هذا المشهد تحديداً أثار ولا يزال عواصف لا تنقطع من الضحك، أدت (آسيا) بصوتها دوري عادل والحاجب، المسرحية قُدمت قبل نحو 45 عاماً، وهي من وجهة نظري أفضل مسرحيات عادل إمام على الإطلاق، تتخللها مساحات من فن الأداء برع فيه عادل، وأخرج العرض د. هاني مطاوع الذي لم يقدم إلا عدداً محدوداً جداً من الأعمال المسرحية، و(شاهد) أشهرها.
هذه هي أول بطولة مطلقة لعادل، كان قبلها قد لعب البطولة المشتركة في (مدرسة المشاغبين)، ثم اعتذر عن عدم البطولة الجماعية في (العيال كبرت) مع باقي المشاغبين سعيد صالح ويونس شلبي وأحمد زكي، ليبدأ رحلته مع البطولة المطلقة في المسرح ثم السينما.
ما السر الذي منح هذا العرض كل هذا النجاح؟ الكوميديا في جزء كبير منها تستند إلى الواقع، وهي محلية الطابع لتباين المجتمعات، هذا ما دفع فنان الكوميديا الأول في العالم شارلي شابلن للانتظار أكثر من 13 سنة على دخول الصوت للسينما، رافضاً أن تنطق أفلامه بالحوار حتى لا تفقد تأثيرها العالمي، إلا أنه استسلم عام 1940 عندما قدم فيلم (الديكتاتور)، وكان من المستحيل الاستغناء درامياً عن الحوار.
الفنان الكوميدي ليس مجرد قدرة على أداء الحوار، ولكنك بداية تشعر بقدر من الارتياح بمجرد أن تراه وتستعد أساريرك مباشرة لاستقبال الضحك، هؤلاء هم الأكثر ندرة في العالم.
قالت آسيا إنها تعلمت القليل من اللغة العربية، إلا أنها حتى قبل أن تدرك كل مفردات الحوار، ضبطت نفسها تضحك على عادل إمام، وهذا هو السر والسحر الخفي للكوميديا، إنه ليس نتاج جملة ضاحكة، ولكن قبلها حضور على المسرح، يضفي على إطلالة النجم حالة من البهجة، هكذا كان عادل إمام حتى في أول مسرحية له (ثورة قرية) قبل (أنا وهو وهي)، قدم مشهداً في المولد مردداً نداء: (معايا عسلية بمليم الوقية)، عدد قليل من الكلمات يقولها بجدية، وخرج منها عادل مشروع نجم كوميدي، رغم أنه في البداية عندما ذهب لمخرج العرض حسين كمال، كان يحدوه الأمل أنه (جان) فتى أول، ولكن المخرج اللماح قال له ستصبح كوميديان العرب الأول.
مشاهد عادل إمام في الأفلام والمسرحيات والمسلسلات لا تزال تملك القدرة على تحقيق أكبر معدل للضحك.
هل تصور عادل أن هناك من سيتابعه بأي لغة غير العربية؟ عادل كان حريصاً على جمهوره العربي، يعرض أحياناً في عدد من الدول العربية، كما أن مسرحه تحول إلى جامعة دول عربية، تجد جمهوراً يشكل أكبر تجمع من مختلف الاتجاهات؛ السعودي والإماراتي والقطري والجزائري واللبناني والسوداني والتونسي وغيرهم، قد يختلفون سياسياً، ولكنهم توحدوا على ضحكات عادل إمام، ويبقى الجديد هو تلك الفتاة الصينية التي لم تكتفِ بأنها (شافت كل حاجة، وضحكت على كل حاجة)، ولكنها مثلت أيضاً (كل حاجة)!