بقلم - طارق الشناوي
قبل أيام كتب أحمد السقا على صفحته كلمات تفيض حبًا فى كريم عبدالعزيز، هل نعتبرها دليلًا قاطعًا على حقيقة المشاعر فى الحياة الفنية زمان والآن؟.
فى آخر حوار لى مع الكاتب الكبير وحيد حامد جاء ذكر الغيرة وأبناء (الكار)، وكنت شاهد عيان على الكثير من الطعنات المسمومة التى طالته من زملاء المهنة. على رأس من سنوا سكاكينهم الكاتب الكبير مصطفى محرم، والذى سبق وحيد زمنيا بنحو 6 سنوات، كان يرى أن عددًا مما هو منسوب لوحيد من إنجازات، له مرجعيات أخرى مثل (البرىء) اعتبره مصطفى تنويعة على (إحنا بتوع الأتوبيس)، قصة صحفية للكاتب الكبير جلال الدين الحمامصى، سيناريو وحوار فاروق صبرى إخراج حسين كمال، عرض قبل (البرىء) بنحو 7 سنوات، والغريب أن فاروق أطال الله فى عمره، لم يوجه حتى الآن اتهامًا لوحيد تصريحًا أو تلميحًا.
قال لى وحيد إنه سامح كل من هاجموه من الزملاء أو غيرهم، وعندما جاء ذكر اسم مصطفى تحديدا قال (مصطفى أستاذى، ولا أنسى له أنه أرشدنى فى البداية لقراءة عدد من الكتب وجدها ضرورية لكى أكتب السيناريو على أسس علمية).
سألته عن الآخرين فقال لى مثلا لينين الرملى منح للمسرح المصرى ما تمنيت أنا وجيلى أن نقدمه، وأشاد بموهبة رأفت الميهى ووصفه بالأشطر، وتوقف باحترام أمام عطاء محسن زايد، كاتب واحد فقط رفض أن يذكر رأيه فى أفلامه، قائلا (لو سألته عنى سيقول كلام مسيئا، ولهذا فأنا سأحتفظ برأى فيه) وأنا أيضا احترامًا لوحيد لن أذكر اسمه، رغم أنه لم يطلب منى ذلك.
قال أرسطو أحب أفلاطون، وأحب الحق ولكن حبى للحق أكبر، وبدأ فى نقد الفلسفة التى انتهى إليها أفلاطون، فهل نحن نقول الحق مثل أرسطو؟.
تعودت دائماً ألا أرتاح إلى آراء أبناء الكار فى بعضهم البعض، رغم أن أصدق تحليل من الممكن أن تقرأه هو عندما يكتب أو يحلل ملحن إنجاز ملحن آخر، أو كاتب أو مخرج أو ناقد أعمال زميل، لأنك عندما تحترف المهنة فأنت تتعرف على أدق أسرارها، وتستطيع أن تحدد على وجه اليقين أوجه الإبداع وأيضاً القصور، هذا إذا خلصت النوايا، وهى نادراً ما تخلص، تتدخل فيها عوامل أخرى مثل الغيرة، لو تتبعت التاريخ لاكتشفت أن أكثر الانتقادات تجريحاً التى وجهت إلى طه حسين هى تلك التى أصابته من ابن جيله ومنافسه اللدود عباس محمود العقاد، وصفه بأنه (عمى الأدب العربى)، وذلك بعد أن استقر فى الوجدان أن طه حسين (عميد الأدب العربى)، على الجانب الآخر كان طه حسين يقلل دائماً من شأن (العبقريات) التى كتبها العقاد، ورغم ذلك فإن طه حسين فى لحظة صفاء نفسى بعد رحيل أحمد شوقى بأقل من عامين، نصب عباس محمود العقاد أميرا للشعراء!!.
السنباطى كان دائم الانتقاد لموسيقى وألحان عبدالوهاب، يراها لها مرجعيات غربية، وكان عبدالوهاب يرى أن السنباطى لم يتطور ولا يزال يخاصم العصر، عندما قدم عبدالوهاب (إنت عمرى) عام 1964 لأم كلثوم، والتى أطلقوا عليها (لقاء السحاب)، كان رأى محمد الموجى وبليغ حمدى، وكانا قد سبقاه فى التلحين لأم كلثوم (أن الأستاذ لم يضف جديداً وأن اللحن عادى)، الوحيد الذى أعجبه اللحن من المنافسين هو كمال الطويل، ولكنه لم يدل برأيه، إلا بعد رحيل عبدالوهاب، سألته فى حوار طويل، لماذا لم تقل هذا الرأى لمحمد عبدالوهاب؟ أجابنى (كنت على خلاف معه ولم أشأ أن أسعده بهذه الكلمات)!!.
السنباطى لم يقتنع بألحان بليغ لأم كلثوم مثل (سيرة الحب) و(بعيد عنك) و(ألف ليلة وليلة) برغم نجاحها الجماهيرى، كان يرى أنها جرحت وقار أم كلثوم، بينما قال إن (اسأل روحك) التى لحنها محمد الموجى لأم كلثوم تجعله يتذكر على الفور (اعملها على روحك)!!
هل كلمات السقا لكريم تعد استثناء؟ مع الأسف تلك هى الحقيقة زمان والآن!!.