بقلم: طارق الشناوي
هل هناك فارق بين أداء الكوميديا على خشبة المسرح، أو أمام الكاميرا لتعرض بعد أسابيع أو أشهر فى السينما أو التليفزيون؟، لو سيطرت عليك حقا مشاعر الحزن، هل تستطيع كبتها فقط أمام الكاميرا؟.
الكوميديا هى الكوميديا، وعلى الممثل أن يمتلك فى المسرح وأمام الكاميرا ثباتا انفعاليا، ليتقمص الشخصية، محمد سلام يؤدى دور (هجرس) فى (الكبير أوى)، سيقف مجددا أمام بيومى فؤاد الذى يؤدى دور (دكتور ربيع)، سيضحكان معا (بفتح الياء)، وسيُضحكان معا- بضم الياء- الجمهور، سلام يعتذر عن المسرح لأنه لا يستطيع الإضحاك ويوافق على التليفزيون لأنه يستطيع، بينما الضحك هو الضحك، كما أن مأساة غزة هى مأساة غزة.
وبالمناسبة لا أجد غضاضة أبدا أن يُقدم فنان الكوميديا عملا لمجرد أن يصبح الضحك هو الهدف، هناك مسافة شاسعة بين الضحك والإسفاف، الضحك مطلوب والإسفاف قطعا مرفوض، (شنبو فى المصيدة) و(اللمبى) و(مدرسة المشاغبين) وغيرها، أحد أهم عناوين الضحك للضحك، لا يكفى مثلا أن يقول البطل حكمة، قبل إسدال الستار، لنصبح بصدد عمل جاد؟.
محمد سلام مع احترامى لحقه فى إعلان انسحابه من أداء دوره فى مسرحية (زواج اصطناعى)؛ لأنها على حد قوله كوميديا وضحك، إلا أنه سوف يمثل دوره (هجرس) فى (الكبير أوى)، ماذا لو افترضنا أن أحد نجوم الضحك فى (الكبير أوى) أعلن أنه تعاطفا مع أهالينا فى غزة لن يستطيع أن يؤدى أى دور كوميدى، سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة ومنصات، هل فى هذه الحالة يسقط من أعيننا محمد سلام؟. وعلينا أن نواصل نظرية الاحتمالات، ماذا لو شاهدنا بعدها فنانا كوميديا ثالثا يصل لذروة أبعد، يعلن توقفه تماما عن أداء كل الأدوار الضاحكة، والاكتفاء بالمشاركة فى تمثيل الأعمال الوطنية التى تتناول فقط القضية الفلسطينية؟، مؤكدا أنه لن يعود للكوميديا، إلا عند قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس!!. كل إنسان من حقه اختيار موقفه طبقا لقناعاته، عادل إمام ذكر المقولة التالية نقلا عن أحد أساتذة المسرح العالميين: «لا شىء يحول دون الالتزام بالوقوف على خشبة المسرح، سوى القبر»، وفعلها ووقف على خشبة المسرح، عند وفاة والده فى (الواد سيد الشغال)، وكررها عند وفاة زوج شقيقته وصديق عمره مصطفى متولى فى (بودى جارد).
هل من الممكن أن نتهم عادل بجمود الإحساس، أم نحييه، على التزامه؟.
الضربات التى يتلقاها بيومى فؤاد لا تزال قاسية ومتجنية، الكلمة التى ألقاها فى نهاية العرض المسرحى لم يكن بحاجة أساسا إليها، وقوفه هو وزملائه على خشبة المسرح، كان كافيا جدا. لا يحق لأحد التشكيك فى وطنية بيومى ولا عشقه للوطن، فلتت منه بعض كلمات وخانه التعبير، نعم حدث هذا، فهو مثل أغلب الفنانين، من منا لا تخونه الكلمات أحيانا؟. لا تنس أن أحد (أبناء الكار) كتب على صفحته (الحمد لله تخلصنا منه، كان بيشفط كل الأدوار).
العديد من جداول تصوير الأفلام والمسلسلات يتم إعدادها طبقا لأوقات فراغ بيومى، وهذا لا يعنى سوى امتلاكه موهبة استثنائية، متعددة الأنغام الدرامية.
سيقف بيومى وسلام أمام الكاميرا معا، وسيضحكان معا، فمتى نغلق هذه الصفحة؟