بقلم : طارق الشناوي
قبل أن تصعد روح دلال عبد العزيز إلى بارئها بنحو أسبوعين، اشتعلت «السوشيال ميديا» بالسبق الصحافي الملعون، عدد من الفنانين صدقوا، وكتبوا العزاء على صفحاتهم، ومواقع صحافية متعددة نشرته، وبعضهم لم يكتفِ بهذا القدر، بل كنا نقرأ آخر كلماتها ووصيتها لابنتيها دُنيا وإيمي.
كل هذا كان مجرد تكهنات صحافية لم تحترم المعايير الإنسانية، ولا أقول فقط الصحافية، ما حدث مع دلال رأيناه أيضاً مع نصفها الآخر سمير غانم، أكثر من مرة سارعوا بنشر خبر الرحيل، وأيضاً تابعناه مع كل من نادية لطفي ورجاء الجداوي ووحيد حامد ويوسف شعبان وغيرهم. بمجرد دخول الفنان للمستشفى يعتقد البعض أن السبق هو نشر خبر الرحيل، دون انتظار للرحيل.
في الماضي كان إعلان مثل هذه الأخبار يؤدي إلى عقاب قاسٍ، قبل نحو ربع قرن تورط التلفزيون المصري في إذاعة خبر رحيل فريد شوقي، فقرر وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف إعفاء المسؤولة عن منصبها في قيادة التلفزيون، برغم أن فريد أعلن أنه سامح المذيعة، ولكن الدولة اعتبرته جريمة إعلامية تستوجب العقاب القاسي.
تابعنا الكثير من تلك الأخبار التي يعتقد كاتبوها أنهم أمسكوا بأطراف المجد ويتناسون أن خبر الموت يتم تكذيبه الآن مع انتشار «الموبايل» في زمن لا يستغرق «فيمتو ثانية».
هناك من يحلو له «الفبركة» ليس فقط في خبر الموت، ولكن ما بعد الموت، عند رحيل فاتن حمامة، تورطت أكثر من جريدة في نشر صورة لرجل عجوز يبكي أمام النعش، وكتبوا أنه زوجها أستاذ الأشعة الراحل دكتور محمد عبد الوهاب، وتم تكذيب الخبر، وهناك كذبة أخرى أيضاً بعد رحيل فاتن، تناقلت الصحافة أنهم سألوا عمر الشريف: لماذا لم تحضر وداع جثمان فاتن وتقدم واجب العزاء لزوجها؟ وجاءت الإجابة المشتركة في كل الجرائد أنه يبكي على فراق فاتن ولكنه يخشي من الزحام.
الحقيقة عرفناها يوم وفاة عمر الشريف، أي بعد رحيل فاتن بنحو ستة أشهر، حيث قال ابنه طارق إن والده كان مصاباً بـ«الزهايمر» ولم يدر أساساً أن فاتن قد رحلت، وكان دائم السؤال عنها، كما أنه في العام الأخير لم يكن يحمل في يديه «المحمول» لأنه تقريباً نسي كل الأسماء التي من الممكن أن تتواصل معه.
من أشهر شائعات ما بعد الموت أن ليلى مراد دفنت في إحدى المقابر اليهودية طبقاً لديانتها الأولى، والحقيقة أنهم صلوا عليها في مسجد «السيدة نفيسة» طبقاً لوصيتها، لأنها كثيراً ما كانت تتخفى وتذهب إلى هناك للصلاة.
كذبة أخرى ما بعد الموت، وهي إسلام يوسف شاهين قبل رحيله، بينما واقعياً تمت الصلاة على روحه طبقاً للطقوس الكنسية لطائفة الكاثوليك، الشائعة التي تم ترديدها استندت إلى أنه أعلن للعديد من الأصدقاء رغبته في أن يخرج جثمانه من جامع عمر مكرم، وأن يصاحبه القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، وهذا مجرد مشهد خيالي، رسمه يوسف شاهين الذي كان يحترم كل الأديان ويحب الاستماع للقرآن الكريم بصوت الشيخ رفعت، فهو كثيراً ما كان يردد في أحاديثه تلك الأغنية في فيلمه «حدوتة مصرية» بصوت محمد منير (يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان)، وماتت يوم رحيله شائعة إسلام يوسف شاهين، ولكن مع الأسف لا أعتقد أن شائعات الموت ستموت!!