في العام الماضى عاش أحمد فهمى أعلى ذروة نجاح، من خلال شاشة السينما بفيلم (مستر إكس)، وكرر النجاح بعدها بأشهر قلائل عبر منصة (شاهد) بمسلسل (سفاح الجيزة).
الفيلم والمسلسل حققا له قفزة جماهيرية مصريا وعربيا، والفيلم تحديدا من أكثر الأفلام المصرية في العام الماضى تحقيقا للإيرادات، انتظر أحمد أن يكمل المسيرة الرقمية هذا العام بفيلمه (عصابة الماكس).
الشريط ينطبق عليه مواصفات فيلم العيد، في إطاره المتعارف عليه، الذي لا يتطلب من المتفرج سوى الاسترخاء التام على مقعده وسوف تأتى الضحكات زاحفة إليه، ليس مطلوبا منك وأنت في السينما أن تجهد عقلك في شىء، ولا تسأل عن دوافع الشخصية وتاريخها الدرامى، بند التعاقد واضح كل بنوده، سنمنحك قدرا وفيرا من القهقهة، وسوف تدخل الفيلم وأنت تنتظر أن تكتمل لديك طقوس العيد ومن فرح وتصفيق وفرقعة، وتخرج منه وأنت ناس كل ما حدث على مدى يقترب من ساعتين، ولكنك قطعا لن تشعر بالندم، فهو شريط سينمائى لا يكذب ولا يتجمل.
الشريط أول إخراج لفيلم طويل لحسام سليمان، ويحسب لبطل الفيلم أحمد فهمى حماسه للعمل مع مخرج جديد، أثبت في أول تجاربه أنه يجيد التعامل ببساطة مع أصعب أنواع الدراما وهى الكوميديا.
(الماكس) هو اسم بطل الفيلم وهو أيضا ما يمكن أن توصف به العصابة لأنها خليط من مجموعة متنافرة.
الفكرة التقليدية التي شاهدتها من قبل في عشرات من الأفلام، زعيم عصابة يبحث عن مساعدين له لتنفيذ عملية سرقة كبرى لتمثال كيلو باترا، ويتفتق ذهنه على أن الحل الوحيد هو أن يضع مجموعة من المهمشين في سيارة عائلية لتخدع رجال الشرطة والصفقة مغرية.
المجموعة مكونة من المطربة المغمورة روبى والراقصة المعتزلة لبلبة، والمسجون حاتم صلاح والسائق (أس أس) محمد أسامة.
السيناريو يعتمد على قدرة نجومه على إثارة الضحك بأى وسيلة والإمساك بأى ضحكة، وعندما ينتهى مفعول نجومه يستعين بكل من حمدى الميرغنى ومحمد ثروت للدفع بعدد آخر من الضحك، كما أنه يضع حمو بيكا، على سبيل السخرية يغنى بالفصحى عددا من أغنيات ماجدة الرومى وكاظم الساهر، لا توجد قطعا أي مغامرة إبداعية، والكاتبان الجديدان أمجد الشرقاوى ورامى على، لم يجهدا كثيرا أو حتى قليلا (الجمجمة) في البحث عن شىء خارج الصندوق، قدما معا كل ما هو متكرر في مقرر الكوميديا، يشفع لهما، إن هناك من يحاول إعادة المكرر ويقدمه بسخافة، بينما هما ظلا في كل المشاهد حريصين على أن يقفا على شاطئ الضحك.
تسكين الممثلين في أدوار منحت فريق العمل مساحات من الإضافة، لبلبة، الراقصة المعتزلة قدمت واحدا من أكثر أدوارها قدرة على تفجير الضحك في السنوات الأخيرة.
لبلبة مع ابتعاد عادل إمام عن المشهد الدرامى، شكلت معه في الماضى ثنائى كوميدى، لم تعد تعثر على أدوار لاستغلال تلك المساحة التي تتميز بها عن كل نجمات جيلها.
كانت لبلبة مصدرا مشعا للضحك، روبى أراها متأرجحة في أدوارها، هذه المرة قدمت الدور بخفة ظل، تستحق أن تصبح مشروعا لنجمة تمتلك القدرة على الغناء والاستعراض، ولكن، هي ليست جادة بما فيه الكفاية لإشعال حماس الآخرين بالفكرة، حاتم صلاح أدى دوره بقدر كبير.
من التلقائية
في البداية يقدم هشام ماجد كضيف شرف دور العريس، واختيار موفق جدا للمخرج لأن الذاكرة تحتفظ لهشام مع فهمى وثالثهما شيكو برصيد وافر من الضحك، ولكن يبقى المشهد الأهم، الذي قدمه أحمد السقا، الصورة الذهنية التي صدرها لنا السقا، أنه البطل المغوار الذي يتحدى كل الصعوبات، إلا أنه يتبدد في لحظة ولا يتبق منه في نهاية الأمر سوى القبعة.
توظيف جيد جدا لضيف الشرف الذي تراه لمدة ثوان إلا أنه بمشهد واحد يمكث طويلا بالذاكرة.
أوحى الفيلم في النهاية، بأن هناك جزءا ثانيا، تجرى أحداثه في المكسيك وأظن أنها مجرد مداعبة من صناع الفيلم، من أجل البحث عن قفشة تليق بأن تصبح هي الختام.
هذه الأفلام تشكل القسط الأكبر من السينما في مصر والعالم، الرهان فقط على تمضية زمن داخل دار العرض، ولا تملك أي طموح فكرى أو تقنى، هي واضحة في هدفها.
(الماكس) داخل هذا الإطار، ولا يدعى لما هو أكثر.
أحمد فهمى يتنازعه موهبتا الكاتب والمخرج، ورأى من خلال استعادة أفلامه ككاتب سيناريو أن الكاتب موهبته أكبر، الممثل مؤد «مهضوم»، كما يقول أهل الشام، ولا أدرى لماذا كل الأعمال التي يلعب بطولاتها وبالتالى يملك كل تفاصيلها لا يشارك حتى في كتابة السيناريو.
عدد من أفلامه حقق إيرادات لا فتة مثل (مستر إكس)، فهمى غير مصاب بعقدة النجومية فهو لا يريد ولا يسعى لكى يستحوذ على الشاشة بمفرده، بل يترك القسط الأكبر للآخرين، وأعتقد أن موهبة الكاتب بداخله هي التي تدفعه لهذا الاختيار، ولكنه يستحق أن يكتب لنفسه فيلما يلعب بطولته...
قطعا لولا أن بجوار (عصابة الماكس) يعرض فيلم (ولاد رزق)، الذي استحوذ على القسط الأكبر من العيدية، كان من المتوقع أن ترتفع إيراداته، إلا أنه اكتفى بجزء يسير من العيدية وبين الحين والآخر تستمع إلى فرقعة (البومب).