احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة!!

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة!!

 عمان اليوم -

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة

بقلم: طارق الشناوي

لعبة النقاد أو تحديدًا القسط الوافر منهم تكمن فى إعادة قراءة (الكادر) السينمائى والبحث عن ظلاله المتعددة، وبين الحين والآخر يضيف بعضهم تفاصيل أعتبرها (اجتهادًا خارج النص).

مثل تلك اللمحات نطبق عليها القاعدة الشرعية، من اجتهد وأصاب له أجران، ومن أخطأ فله أجر، مع الأخذ فى الاعتبار أن بعضها خارج المنطق تستحق العقاب.

تذكرتُ الأستاذ الفنان محمود مرسى، وكان يدرس لنا فى معهد السينما مادة (حرفية إخراج)، كان رأيه مثلا أن لقطة المخرج صلاح أبوسيف لمحجوب عبد الدايم (حمدى أحمد) فى ( القاهرة 30)، والتى يظهر فى الخلفية له قرنان، هى مجرد (قفشة) من صلاح، أيضا توظيفه لإعلان مشروب (كوكاكولا) فى فيلم (شباب امرأة) ومكتوب عليه (كبيرة ولذيذة)، إشارة إلى تحية كاريوكا، تلك وغيرها مجرد قفشات (ابن بلد) وليست رموزا، القراءة الرمزية أبعد من ذلك بكثير.

فى مؤتمر نقاد السينما الذى أقامته (هيئة الأفلام) بالرياض، كانت الفرصة مهيأة لعدد من تلك القراءات، عنوان المؤتمر قراءة خارج الإطار، يفتح الشهية للإضافة، وتناول العديد من المحاضرين عشرات من الأفلام التى دخلت تاريخ السينما، مثل (الطيور) لألفريد هيتشكوك و(سارق الدراجة) فيتوريا دى سيكا، وكل منهم أضاف لمسته الخاصة فى القراءة.

الناقد لديه زاوية رؤية قد تتوافق أو تتناقض مع المخرج، والبعض يضيف من عنده الكثير تبعًا أحيانًا لما يريد أن يراه فى الفيلم، ليس هو بالضرورة ما يحتويه الفيلم، وربما تفرض قناعاته السياسية والفكرية عليه تلك الرؤية.. أيضًا بعض المخرجين عندما يحللون أعمالهم هم الذين يضعون الكثير من تلك (التحابيش)

أحيانًا يلعب عددا من النقاد دورًا فى تحلية البضاعة الأدبية والفنية، بإضافات خارج النص، وأحيانا خارج المنطق، لم تخطر على بال مبدع العمل، البعض يعتبرها تعلى من شأن عمله الإبداعى، ولا يكتفى بإظهار سعادته بهذا التفسير، الذى لم يخطر على باله بل ويتعمد التأكيد بأنه كان عامدًا متعمدًا، وأن على النقاد أن يغوصوا أكثر ليحصلوا على دُرر أكثر، قرأت سيرة حياة الكاتب «أرنست هيننجواى» صاحب الرواية الأشهر «العجوز والبحر» عندما بدأ النقاد فى البحث عن تفسير للرواية، التى أصبحت واحدة من أشهر وأخلد الروايات فى الأدب العالمى، اعتبروها تقدم رؤية فلسفية للحياة، لأن العجوز يبدأ رحلته فى الصيد، وعندما يعثر على سمكة كبيرة يمسك بها بقوة وفى نفس الوقت يتحرك قاربه الصغير فى اتجاه الشاطئ، وعندما وصل، كانت أسماك القرش قد التهمت سمكته ولم يبقَ منها إلا هيكل عظمى- قالوا إن هذا الموقف يشبه رحلة الإنسان فى الحياة عندما تبدأ وهو يعتقد أنه يمسك كل متع الحياة بيديه، ثم ينتهى الأمر بنهايته كهيكل عظمى مثل بقايا سمكة «هيمنجواى».. التشبيه يضفى الكثير من الزخم الفكرى والفنى على رائعة الأديب العالمى، رغم ذلك أزعجه كثيرًا، وقال إنه لم يتعمد أيًا من هذه الرموز، وأضاف أن هذه التفسيرات تشبه وضع الزبيب على الخبز من أجل تحسين الطعم وأن كثيرًا من الكتاب يهزمون أنفسهم بأنفسهم عندما يستسلمون للزبيب!!

فى فيلم «داود عبد السيد (رسائل بحر) مثلًا أثار قارب مكتوب عليه اسم (القدس) فى نهاية الفيلم الكثير من التفسيرات، رأينا فى المشهد الأخير بطلى الفيلم «بسمة» و«آسر ياسين» وحولهما الأسماك النافقة واسم (القدس) يتصدر القارب، لم يكن «داود» يقصد شيئًا هو فقط استأجر قاربًا، وكل القوارب مكتوب عليها أسماء مثل (ما تبصليش بعين رضية بص للى اندفع فيّا) أو (ما فيش صاحب بيتصاحب)، سيل منهمر من التفسيرات السياسية ذات الصلة بالطبع بمدينة القدس، بما تحمله من قيمة روحية، انهالت على «داود» سواء فى القاهرة أو عند عرض الفيلم خارج مصر، وكان داود أول المعترضين على مكسبات الطعم واللون والرائحة!!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
 عمان اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
 عمان اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 21:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
 عمان اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 21:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية
 عمان اليوم - تحقيق يكشف عن تقييد "فيسبوك" للصفحات الإخبارية الفلسطينية

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab