السينما تفترس الرواية

السينما تفترس الرواية

السينما تفترس الرواية

 عمان اليوم -

السينما تفترس الرواية

بقلم: طارق الشناوي

انتهى، قبل يومين، مؤتمر النقد السينمائى الذى أقامته هيئة الأفلام السعودية، بمدينة الرياض فى سابقة هى الأولى من نوعها، عندما يصبح العنوان هم النقاد وقضاياهم، تعددت اللقاءات والأفكار التى تمت مناقشتها، مثل علاقة السينما بالأدب، وتحديدا (تجاوز الوهم بين الرواية والسينما)، وكان المحاور هو سعد البازجى. كثيرا ما نسارع عند السؤال عن علاقة السينما بالأدب، ونقدم إجابة من المحفوظات العامة مثل تلك: (السينما تنهض كلما اقتربت أكثر من عالم الرواية). مع الأسف السينما لا تحقق خطوات للأمام، إلا إذا أخلصت للسينما، واشتغل المبدع بدأب على مفردات اللغة المرئية، وأول خطوة أن تأخذ السينما الرواية إلى ملعبها، حتى إن من بين التشبيهات الرائعة التى تؤكد هذا المعنى (كاتب السيناريو المبدع يفترس الرواية)، ولم يقل مثلا يلتهم بل يفترس، لتصبح أشد قسوة.

كاتب السيناريو المبدع يحيل الرواية إلى أداة تصب فى النهاية لصالح الشريط السينمائى.

لو ألقيت نظرة (عين الطائر) على رصيدنا الذى يجمع بين الإبداع المقروء فى الرواية والذى صار مرئيا على الشاشة، سنكتشف أن كلا من الكاتبين الكبيرين، نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس، احتلا النصيب الأوفر، قرابة خمسين عملا أدبيا لكل منهما، كان الشريط السينمائى يحاكى إيقاعهما الأدبى، نهلت السينما من أدبهما، ولاتزال تحقق أفلامهما عادة القدر الأكبر من الإقبال الجماهيرى، بالإضافة بالطبع إلى أن اسميهما شكلا عامل جذب، إحسان ونجيب كانا بحق وحقيق نجمى شباك، ولا يزالان. تعامل كل منهما مع السينما بقدر من المرونة، بدون أدنى حساسية، نجيب محفوظ مثلا، لم يسبق له أن انتقد شريطا سينمائيا، يطلب فقط من الناقد الذى يحمله المسؤولية أن يحاسبه على الرواية، ولم يغضب سوى مرة واحدة، فى فيلم (نور العيون)، بطولة فيفى عبده وعادل أدهم المأخوذ عن قصة قصيرة فى مجموعة (خمارة القط الأسود)، قال لى إن الفيلم لا علاقة له بالقصة، وكنت أحاوره فى لقاء نشرته على صفحات مجلة (روزاليوسف) عام 1991، أضاف ضاحكا: (أنا خايف بس الناس تقول يا طارق إيه اللى لمك يا نجيب على الراقصة فيفى عبده)، وتوقف الأمر عند هذا الحد، بينما مثلا شهدت المحاكم الكثير من القضايا التى أثارها د. يوسف إدريس، ضد عدد من مخرجى أفلامه على اعتبار أنهم شوهوا الرواية، حتى الناجح منها مثل (الحرام). لو أحصينا الأفلام التى دخلت تاريخنا الإبداعى، لوجدنا قسطا وافرا منها مأخوذا عن أعمال أدبية. أهم عشرة أفلام فى تاريخ السينما المصرية طبقا للاستفتاء الذى أشرف عليه الكاتب الكبير «سعد الدين وهبة»، باعتباره رئيسا لمهرجان القاهرة الدولى السينمائى عام 1996 وشارك فيه مائة من الفنانين والفنيين والنقاد، كاتب هذه السطور كان واحدا منهم. أسفر عن «العزيمة»، «الأرض»، «المومياء»، «باب الحديد»، «الحرام»، «شباب امرأة»، «بداية ونهاية»، «سواق الأتوبيس»، «غزل البنات»، «الفتوة»، الأفلام المأخوذة عن روايات أدبية هى «الأرض» عبدالرحمن الشرقاوى، «الحرام» يوسف إدريس، «بداية ونهاية» نجيب محفوظ، النسبة لم تتجاوز 30%!!. يجب أن نفرق بين القصة السينمائية والقصة الروائية «شباب امرأة» مثلا قصة سينمائية صاغها «أمين يوسف غراب» وليست رواية.. «سواق الأتوبيس» شارك فى كتابة القصة السينمائية «محمد خان» و«بشير الديك»، «الفتوة» قصة سينمائية صاغها «محمود صبحى» و«فريد شوقى» وشارك فى كتابة السيناريو وليس القصة «نجيب محفوظ»!!. القصة الروائية العظيمة ليست هى الوصفة السحرية الوحيدة ولا هى أيضا المضمونة لتقديم عمل فنى ممتع، يظل المعيار قدرة المخرج على أن يمنح الرواية الإحساس السينمائى، تذوب كل المكونات الأساسية لكل العناصر وأولها القصة، بينما تسيطر رؤية المخرج، مثلا (الكيت كات) مأخوذ عن قصة إبراهيم أصلان (مالك الحزين)، سيطر المخرج وكاتب السيناريو، داود عبدالسيد، على كل المفردات، بزاوية ما ربما تكتشف أن المسافة تتسع بين الرواية والسينما، بينما لو تعمقت أكثر ستكتشف أن (مالك الحزين) أصبح أيقونة سينمائية، مخترقة حاجز الزمن، لأن داود افترس الرواية!!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السينما تفترس الرواية السينما تفترس الرواية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab