بقلم: طارق الشناوي
عندما أطل مجددًا على صفحته، لم يعتذر عن الخطأ؛ أقصد الخطيئة التى ارتكبها فى حقنا جميعا وليس فقط الفنان حسن يوسف، الذى كان بمثابة الأخ الأكبر لتلك العائلة التى تنتمى للفنان الكبير عبدالبديع العربى.. قرأنا الشماتة فى الموت تطل بين حروف كلماته، بعد أن نبتت لها أظافر وأنياب تنشب فى جسد أب وأم مكلومين حزنا على فقدان أصغر أبنائهما عبدالله.
انتقل وجدى العربى من الشماتة فى حسن، إلى توعد كل من ألمته تلك الدموية، ولم يقل شيئا يعتذر عما قاله فى حق تلك العائلة.. فقط أعلن أن كل من سكنته مشاعر إنسانية وأعلن غضبه، سوف يتلقى عقابا قاسيا من الله عز وجل، أما حسن يوسف فسوف يرسل له على الخاص رسالة فقط للتوضيح وليس حتى الاعتذار.. هل كانت رسالة الشماتة الأولى على الخاص مثلا؟ فلماذا ترسل الثانية على الخاص؟.
ألم تشمت فى موت ابنه على الملأ واعتبرت الموت بمثابة انتقام إلهى، لأنه لم يقف فى صف مرسى والجماعة التى أرادت تغيير هوية مصر، فانتفضت مصر للدفاع عن مصر، فأراد الله أن يلقنه درسا بعد 10 سنوات، فأخذ منه ابنه الأصغر، وكأن الموت هو العقاب، وفقدان الأعزاء هو الثمن الذى يدفعه فى الدنيا كل من يرتكب ما اعتبره الإخوان معصية؟!.
ما الذى يحدث فى تكوين الإنسان عندما يتطرف دينيا؟ هل تموت مشاعره وتنقطع جذوره البشرية ليصبح (زومبى)؟!.
لا أتذكر أننى التقيت وجدى العربى طوال مرحلة تواجده فى الدراما والأفلام فى الثمانينيات أو التسعينيات، ربما جمعتنا مثلا لقاءات عابرة فى الاستوديو، كان الانطباع الدائم بالنسبة لى أننا أحببنا هذا الطفل الجميل التلقائى فى فيلمى (نهر الحب) عز الدين ذوالفقار و(بين القصرين) حسن الإمام.. ولكن بعد أن غادر مرحلة الطفولة، أغلقت معها أبواب القبول، وهى حالة نراها مع بعض الأطفال الذين يتوهجون فى مرحلة محددة، ثم يخبو مع الزمن كل شىء.
عرفنا الأستاذ عبدالبديع العربى فى العديد من الأدوار الدينية بأدائه المميز ونبرة صوته التى تدخل قلوب الناس، الأب لم يكن يطبق معايير دينية فى الأدوار التى يلعبها على الشاشة، بدليل أن أشهر فيلم له (العار) لعب دور تاجر مخدرات.
أراد وجدى استكمال طريق الفن، والتحق فى السبعينيات بمعهد المسرح، وتقدم بعد بضع سنوات لخطبة إلهام شاهين، ولم يكن معترضًا على استكمالها المشوار، رغم أن منتصف الثمانينيات بداية مرحلة انطلاق إلهام.. لم نكن نعرف وقتها توصيف (السينما النظيفة)، وكانت إلهام مثل جميع النجمات تؤدى كل الأدوار بلا تحفظ.
لا أعلم تفاصيل الخطوبة ولا الانفصال، ما هو معلن أنه لم يعترض على استمرارها فى الفن.
وجدى أتيحت له فرص عديدة، فهو تفصله سنوات قليلة عن جيل محمود عبدالعزيز وأحمد زكى وفاروق الفيشاوى، إلا أنه لم يتحقق فنيًا، لم تحدث تلك الومضة الخاصة مع الناس، ظل بالنسبة لهم هو الطفل الوسيم الطيب، أخذ نصيبه من النجاح فقط فى تلك المرحلة العمرية.
شىء ما حدث فى البناء النفسى لوجدى.. هل عدم النجاح فى الحياة العملية دافع للتطرف؟، فحاول أن ينطلق من التمثيل للإعلام، وقدم بعض البرامج فى القنوات التى كانت ترفع شعار (الإسلام هو الحل).. أيضا لم يحدث تلامس فى المشاعر مع الناس.
هاجر خارج الوطن إلى إسطنبول، واختفى بضع سنوات.. وبعد مصاب حسن يوسف فى ابنه عاد لكى يشمت ويتوعد من ألمتهم الشماتة!.