سمير غانم من أقرب الشخصيات إلى قلبى، يأثرنى بأدبه الجم، حتى لو كتبت عنه بقسوة، يأتى الرد واتساب (ميرسى)، وعندما نلتقى ولو صدفة، ربما (يفضفض) لى عن رأيه، وقد يوافقنى أو لا، إلا أنه أبدا لا يحمل بداخله أى غضاضة، وغالبا يروى لى نكتة تظل قادرة على إضحاكى حتى الآن.
سألت سمير وأنا أشرع فى كتاب يحمل اسم (إكسير السعادة) يتناول حياته، عندما تم تكريمه قبل 5 سنوات فى (مهرجان القاهرة السينمائى)، عن المشروع الفنى الذى لا يزال يتمناه.
أجابنى أن نختتم حياتنا الفنية أنا وعادل إمام بعمل مشترك.
فى مرحلة الشباب، كثيرا ما التقيا، ولكن مع تحقيق كل منهما للنجومية الاستثنائية تعذر الجمع بينهما.
إنهما ملكان للضحك، تواجدا فى نفس المرحلة الزمنية، ويقينًا تنافسا على من ينتزع الضحك أكثر، الاثنان يحملان شهادة مهندس زراعى، وكثيرا ما كان عادل إمام يصف نفسه ساخرا أنه (ممثل زراعى)!.
بداية الانطلاق مطلع الستينيات، تحديدًا داخل كواليس التليفزيون المصرى، الذى كان وليدا، ثم التقيا فى أكثر من فيلم فى أدوار مختلفة، وبعد أن وصلا للقمة، بات اللقاء بينهما مستحيلا.
المنتج الكبير الراحل سمير خفاجة صاحب (فرقة المتحدين) التى احتكرت عادل إمام على خشبة المسرح، كان لديه طموح للجمع بين القمتين، وتعذر إيجاد نص يرضى الطرفين، ثم عرض خفاجة على سمير غانم أن يشارك سمير صبرى فى عمل استعراضى لحساب (المتحدين)، إلا أنه قال له (إما عادل وإلا فلا)، وأضاف أنه لم يشترط أجرا محددا، وكان سيوقع على بياض بعد موافقة عادل.
وواصل أنه كان يتمنى أن يقدم فيلما أو مسلسلا، ولكن عادل لم يعرض عليه سوى التمثيل كضيف شرف، وكان يعتذر، حتى رشحه قبل خمس سنوات فى مسلسل (عوالم خفية)، سمير وافق رغم أنه مشهد واحد، كان يخشى أن تصبح تلك هى الفرصة الأخيرة للقاء الفنى، ولم يكتب أحد هذا المشهد، كل منهما كانت لديه لمحاته الخاصة فى الأداء واختيار الحوار.. ملعب سمير غانم هو الارتجال فهو (الملك)، وعادل قطعا يتمتع بسرعة بديهة استثنائية تمكنه من ملاحقة سمير.
المكانة التى وصل إليها عادل منحته كرسى العرش لتلك المرحلة، فهو (الألفة) بينهم، إلا أن سمير كان يعتبرهم خمسة رسموا ملامح الكوميديا فى الجيل، كل منهم قدم بصمة خاصة، وهم: عادل وسمير وسعيد صالح وجورج سيدهم ويونس شلبى.
سمير رأيه أنه (مسرحجي) أكثر منه سينمائيا، بينما عادل متفوق فى المجالين، ولديه شجاعة الاعتراف بأن عادل أزكى فنان، ليس فقط فى جيله ولكن فى كل الأجيال، لأنه مشغول دائما بالغد، وأضاف تخيلا فى الستينيات عندما كان الجنيه يساوى 3 دولارات، قال لى عادل: كل الجنيهات اللى عندك حولها لدولارات، سألت سمير: وهل أخذت بنصيحة عادل؟ أجابنى: لم أكن أحتفظ أبدا بالفلوس، بمجرد الحصول عليها وقبل أن تصل إلى جيبى تبددها يدى.
سألته: هل بحت لعادل إمام برغبتك فى أن يجمعكما عمل مشترك؟ قال لى: فى عز نجاحى المسرحى - مطلع الألفية الثالثة - قلت لعادل مع الزمن سوف يتعذر على كل منا الوقوف على خشبة المسرح، لأنه يحتاج إلى لياقة بدنية لن نستطيع الحفاظ عليها، وقال له عادل: (ح نقدم مسرحية اعتزال معا).. مر الزمن، واعتزل عادل المسرح، ثم ابتعد حتى عن السينما، وظل الأمل فقط فى مسلسل تليفزيونى.
سألته: هل يضحكك عادل إمام؟ أجابنى إنه الكوميديان المفضل بالنسبة لى، بينما عادل كان يعتبر سمير هو أكثر نجم كوميدى ينعش قلبه، فهو يبحث عنه يوميا بـ(الريموت كونترول).
منح الله العمر والصحة والسعادة للفنان الكبير عادل إمام!