بقلم: طارق الشناوي
أكتب هذه الكلمة قبل ساعات من حفل (كاسيت 90)، الذى أقامته هيئة (الترفيه) لنجوم جيل التسعينيات، وتحديدا الذين ابتعدوا منذ بزوغ الألفية الثالثة عن وهج النجومية، إنها حكاية كثيرا ما نعايشها، يتغير الزمن، وفجأة يتلاشى الجذب ويخفت السحر ويحل الظلام.
هل لا توجد إرهاصات تسبق الانزواء، مؤكد الأمر لا يحدث فى لحظة، هناك مؤشرات تبدأ صغيرة وتكبر مع الأيام، الفنان الذكى يلتقطها وهى فى المهد، لأنها مع الزمن يصعب تجاوزها.
سعدت جدا بأن يعود كل هؤلاء المبدعين دفعة واحدة، سيمون وحميد الشاعرى وإيهاب توفيق وهشام عباس وخالد عجاج وحسام حسنى ومحمد محيى ومصطفى قمر، ومن المنطقى أن عددا من أغانيهم لاتزال فى الذاكرة، كل منهم عندما يلتقى الناس فى الشارع يصبح السؤال (فينك وحشتنا)، من السهل أن يعيش الفنان إحساس الظلم، مرددا أنه يتم تجاهله عن عمد، غالبا لا يسأل الفنان ما هى أخطائى؟ فقط يعيش إحساسا مرضيا بأن هناك مؤامرة كونية يتم إعدادها من قبل المنافسين، لإبعاده عن الساحة.
رئيس هيئة الترفيه، المستشار تركى آل الشيخ، فكر خارج الصندوق وأقام حفلا فى (جدة) وكأنه نوع من (النوستالجيا) لاستعادة زمن، ووضع صورا لهم فى (البوستر) المصاحب للحفل، داخل شاشة تليفزيون، معبرا عن تلك الحقبة الزمنية.
التذاكر نفدت قبل بداية الحفل، وهذا يعنى أن هناك جمهورا ينتظرهم، وهو مزيج سعودى ومصرى ومن جنسيات أخرى، لمحة مشجعة جدا لكل هؤلاء المبتعدين، أتمنى أن يلتقطوها.
هناك من استسلم للابتعاد ولا أدرى لماذا مثل خالد عجاج، معلوماتى أنه افتتح كافيتريا، جميل أن يؤمن مستقبله ماديا، هانى شاكر يفعل ذلك افتتح أكثر من كافيتريا، ويتاجر فى العقارات، ولكنه حتى الآن يغنى، حتى لو أخطأ فى الاختيار مثل أغنيته الأخيرة (الكبير)، يكفيه شرف المحاولة، وأيضا الإصرار على المحاولة، بينما خالد عجاج، لم أقرأ عنه أى خبر يشير إلى بروفات لأغنية جديدة.
مطرب مثل إيهاب توفيق بدأ فى نهاية الثمانينات من خلال لجنة تحكيم برئاسة الموسيقار محمد عبدالوهاب أقامتها مجلة أكتوبر، كل التفاصيل كانت لصالحه، وردد له الشارع أكثر من أغنية ثم اختفى فى ظروف غامضة.
سيمون عرفت النجومية فى الغناء والتمثيل، تألقت مع المخرج خيرى بشارة فى فيلمى (يوم حلو ويوم مر) و(آيس كريم فى جليم)، وواكبت (الفيديو كليب) وقدمت أحلى أغانيها مثل (استنى شوية) و(مش نظرة) وتوهجت مع محمد صبحى فى مسرحيات (سكة السلامة) و(لعبة الست) و(كارمن).
تحاول فى الأشهر الأخيرة العودة، والرحلة قطعا صعبة، لأنها تقدم أغانيها الشبابية لجيل مختلف، إلا أن من يحمى سيمون هو ذكاؤها.
هشام عباس صوت مبهج، ولا أدرى كيف لم يواصل نشر البهجة، حميد الشاعرى كان هو صاحب النبض الموسيقى فى منتصف الثمانينيات وحتى التسعينيات، ثم تراخى، عاد مؤخرا فى أكثر من حفل. ويبقى فقط أن نذكر واحدة من البديهيات التى مع الأسف نضطر بين الحين والآخر للتذكير بها.
تكريم الفنان المصرى فى أى دولة عربية هو تكريم لمصر، والانتعاشة الفنية والثقافية والترفيهية التى نتابعها فى المملكة العربية السعودية، يتألق ويتوهج فيها عدد كبير من الفنانين المصريين، تأكيد لمكانة مصر. جميل عودة جيل من مطربى التسعينيات، نقطة الانطلاق من (جدة)، لنراهم بعدها فى عشرات من المدن العربية، وفى كل مرة يكرمون بحضورهم مصر.