«كذب أبيض» فيلم الأفلام

«كذب أبيض» فيلم الأفلام

«كذب أبيض» فيلم الأفلام

 عمان اليوم -

«كذب أبيض» فيلم الأفلام

بقلم: طارق الشناوي

فى المهرجانات لا يستطيع أحد مشاهدة كل الأفلام، ولن تتمكن أيضا من تناول كل الأفلام التى تعاطيت معها، لن يتبقى فى الذاكرة إلا القليل من كل ما شاهدت، وهو فقط الذى يستحق البقاء.

إنه الفيلم الذى ما إن ينتهى عرضه على الشاشة، إلا وتكتشف أنك تعيد عرضه لا شعوريا فى وجدانك، وقد تضيف أو تحذف، إلا أنه يبقى بداخلك وكأنه بالضبط ما شاهدته.

لى حكاية مع الفيلم المغربى (كذب أبيض) لأسماء المدير، عرض لأول مرة فى مهرجان (كان) مايو الماضى، داخل قسم (نظرة خاصة)، تضاربت المواعيد ولم أستطع مشاهدته، إلا قبل أيام فى مهرجان (البحر الأحمر) فى قسم (روائع عربية)، رأت إدارة المهرجان، ولها كل الحق، أن الفيلم أتيحت له المشاركة فى (كان) وحصد أيضا جائزة أفضل إخراج، ولا ينبغى أن يزاحم الأفلام الأخرى.

هذه المرة فى (البحر الأحمر) حرصت أن أقتنصه قبل نهاية المهرجان بأربع وعشرين ساعة وكان هو (فيلم الأفلام).

الشريط لا يتوقف فقط أمام لحظة تاريخية فى المملكة المغربية، وهى ما عرفت بانتفاضة الخبز عام 1981 فى زمن ولاية الملك العاشق للفن والموسيقى تحديدا الحسن الثانى، والد الملك (محمد السادس).

تلك هى الخلفية السياسية المباشرة، إلا أن العمل الفنى يبحث عما هو أبعد، يعود أكثر من أربعين عاما، لنرى المشهد من خلال الجدة، والحفيدة، الجدة عاشته، الحفيدة تسعى لتوثيقه، ونتوقف أمام الحكاية وكيف نرويها، ويدخل الزمن كطرف فاعل فى كل التفاصيل، الحفيدة تبحث عن صورة من طفولتها وسط بقايا جدتها، من خلال تلك الصورة نعيش الزمن، إنها حكاية المخرجة أسماء المدير. الفيلم التسجيلى يتكئ على حكايات تختلط من أجل أن تتسق، تروى تفاصيل لتلك الحقبة، الجدة لم تعترف بأن حفيدتها مخرجة سينمائية، فهى ترى أن السينما مثل الكباريه، لا ترضى لحفيدتها الذهاب إليه، لكنها تراها صحفية، تحظى باحترام أدبى.

الجدة الملكة المتوجة فى هذا المنزل، هكذا يراها الجميع، فهى عمود البيت الذى يضم الأجيال الثلاثة، وتستعيد الحكاية من خلال بناء ديكور للزمن بكل تفاصيله، وتظل صورة الحسن الثانى تزين المكان، وهى فى القلب عند الجدة، بينما تنتقد الحفيدة ما حدث وأدى لتلك الانتفاضة التى اندلعت بسبب رغيف الخبز، لكن لماذا وصفها بالكذب الأبيض؟ لأنه لا يضر، بل أحيانا مباح، وفى ظل ظروف محددة ضرورى.
هل الجدة وهى تروى الأحداث تكذب أم أن الصحيح أنها تروى ما تعتقد أنه حدث، المخرجة تنتقل بين تسجيل الحدث إلى اللعب بالعرائس، التى تشبه الدمى الروسية تفتح عروسة لتخرج منها واحدة أصغر، وهكذا، وقد نرى العكس أيضا العروسة الصغيرة تخرج منها عروسة أكبر.

الديكور الذى تقدمه لشقة الجدة وديكور آخر أشبه بلعب الأطفال يعيدنا مجددا للزمن القديم.

الجدة، الملكة المتوجة، ولها كلمة نافذة على الجميع، بها كل المميزات: ذكاء وخفة ظل وكاريزما، شخصية زادها الزمن حضورا ووهجا، إلا أنها أيضا متسلطة فى قراراتها، تعتقد فقط أنها تملك الصواب. لا توجد ذاكرة فوتوغرافية وحتى لو وجدت ستكتشف أن اختيارك للزاوية التى تطل منها على الحدث هى التى تفرق بين إنسان وآخر عاشا نفس اللحظة، وقد يتناقضان فى الرؤية 180 درجة. الفيلم يقدم مخرجة تتعامل مع الشريط السينمائى بروح الطفل الذى تحركه فطرته، وهكذا حرصت أسماء المدير فى تعاملها العفوى وهى تروى لنا الحدث، تمتلك كل أدوات التعبير من حركة الكاميرا والإضاءة والموسيقى، كما أنها حافظت على أن تظل الجدة فى تلك الحالة المتوهجة القادرة على التعبير، الحفيدة تقف على الجانب الآخر فكريا وسياسيا، رغم أن كل تفصيلة تؤكد عشقها الفطرى لجدتها.

الرقابة المغربية تستحق التحية بهذا الهامش الذى يتسع ويمنح السينمائى هناك القدرة على التعبير والتحليق، بينما لاتزال رقابتنا الميمونة تنفخ فى الزبادى، ونشارك جميعا بعدها فى النفخ!!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كذب أبيض» فيلم الأفلام «كذب أبيض» فيلم الأفلام



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
 عمان اليوم - علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 14:38 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab