بقلم: طارق الشناوي
حكى لى يومًا الكاتب الكبير وحيد حامد أن الجوائز التي حصل عليها طوال مشواره كانت تشغل حجرتين في منزله، بدأ في إلقاء نظرة، فاكتشف أن نصفها من مهرجانات وجمعيات ليست لها أي نصيب من القيمة أو المصداقية، فأخذها جميعًا وألقى بها في النيل، أصبح لديه حجرة واحدة، وكتب بعدها في مذكراته حكايته مع الجوائز التي احتفظ بها، والأخرى التي ألقى بها في نهر النيل!!.
ما هي حالة الفنان وهو يحتضن جائزة بينما يستشعر في أعماقه أنها ليست له، إلا أنه في نفس الوقت يصعد على خشبة المسرح سعيدًا، وملوحًا بيديه إلى الجمهور؟.
شاهدت عددًا من النجوم والنجمات في الكثير من المهرجانات، وكل منهم يحتضن تمثالًا أو شهادة، وأمارات السعادة ترتسم على وجوههم وكأنها (الأوسكار).
هناك من يحيل الجائزة إلى وثيقة لمخاطبة الرأى العام، يقدم من خلالها رسالة تؤكد أنه (نمبر وان).
يسعى عدد من المهرجانات إلى استغلال نقطة الضعف هذه لدى النجوم ويخترع لهم جوائز.
بعض النجوم أدركوا اللعبة مبكرًا، فلم يعودوا يذهبون إلا فقط للجائزة التي يستحقونها، مثلًا كان الفنان الكبير صلاح السعدنى، قبل خمسة عشر عامًا، بين المكرمين في أحد المهرجانات السينمائية الكبرى، واعتذر وقال لى «أنا لا أستحق التكريم، فأنا لم أقدم للسينما ما هو جدير بتلك الجائزة».
سألت «صلاح السعدنى»: لماذا لم تحقق نجاحًا جماهيريًا في السينما يضاهى رفيق الرحلة وأيام الصعلكة «عادل إمام»، قال لى «صلاح»، وبمنتهى البساطة: ربنا شاور لعادل على السينما، وشاور لى على التليفزيون، ولو كنت أحقق لشركات الإنتاج السينمائية نصف ما يحققه لها «عادل» بالتأكيد كانت بحثت عنى!!.
قناعة وصل إليها «صلاح السعدنى» بعد مرور السنوات، لا أتصور أنه استسلم بسهولة منذ بداية الطريق لفكرة المشاورة الإلهية. كان اسم «السعدنى» أكثر بريقًا وهم كجيل يطرقون باب الفن قبل نحو 60 عامًا، لم تكن أبدًا البدايات تشير إلى تلك المشاورة، بل كان اسم «صلاح السعدنى» تسويقيًا، حتى على المستوى السينمائى يسبق في البدايات «عادل إمام» و«نور الشريف».
لدى عشرات- على أقل تقدير- من حكايات الجوائز، والتى تم تغييرها في اللحظات الأخيرة، وأغلب أبطالها من النجمات وليس النجوم، ولم يسلم من تزوير النتائج وتغيير مسارها في اللحظات الأخيرة حتى الكبار، مثل سعاد حسنى، والتى كانت في طريقها لمهرجان الإسكندرية، قبل نحو 32 عامًا، لاستلام جائزة عن آخر أفلامها (الراعى والنساء)، وفى الصباح تسربت النتيجة، وشاهدت سعاد في فندق شيراتون المنتزه، هنأتها، فقالت لى وشىء غامض يطل من عينيها (إستنى شوية يا طارق، حتى يتم الإعلان الرسمى)، ولم أدرك معنى هذا الغموض إلا عند إعلان الجوائز رسميًا، منحوا جائزة أفضل ممثلة لفنانة أخرى، بينما سعاد حصلت على (جائزة لجنة التحكيم)، شىء مشابه أيضًا حدث في نهاية الثمانينيات، مع ميرفت أمين، منحوها في الصباح جائزة أفضل ممثلة عن فيلم (الأراجوز)، وفى المساء صعدت على المسرح نجمة أخرى.
هل تبحث المرأة أكثر من الرجل عن الجائزة؟
لو اعتبرنا أن الجائزة الزائفة تساوى في علم التجميل (المكياج)، سنكتشف أن المرأة والرجل ربما يتساويان في استخدامه، إلا أن المرأة مؤكد تمضى ساعات أطول أمام المرآة، كما أنها تدفع أموالًا أيضًا أكثر للحصول على المكياج!!.
كم فنانا دخل إلى حجرة الجوائز الخاصة به في منزله، وبدأ في فرزها؟، هل واتته الشجاعة، مثل وحيد حامد، للتخلص من الزائفة؟، أتمنى أن يفعلوا ذلك، ولكن عليهم ألا يلقوها في النيل، ولكن في مكان آخر يضم النفايات، لا تنسى أن المصرى الفرعونى أوصانا، قبل 7 آلاف سنة، (ألا نلوث ماء النيل)!!.