بقلم: طارق الشناوي
وزير الثقافة دكتور أحمد فؤاد هنو، بحكم منصبه، هو المسؤول الأعلى، وهو المنوط به فى نهاية الأمر إصدار القرار النهائى فى السماح بتداول الأعمال الفنية، أو المصادرة، عليه إصدار قرار يوائم فيه ما بين الأبعاد الثقافية والفنية والسياسية والاجتماعية، ومن خلال متابعتى لما يجرى لفيلم (الملحد)، الذى لم أشاهده حتى كتابة هذه السطور، وما نتابعه الآن يؤكد تداخل العديد من تلك المؤثرات فى تحديد مسار ومصير الفيلم وأغلب المؤثرات الفاعلة فى توجيه القرار خارج النص.
المفروض أن نقابة السينمائيين نسمع لها الآن صوتًا، المفروض أيضًا أن غرفة صناعة السينما تسمعنا صوتها، المفروض شىء والواقع شىء آخر، كل منهما، إيثارًا للسلامة، وحتى لا يتعرض لدوشة الدماغ، مشيها دوشة الدماغ، سوف يلتزم الصمت.
ويبقى المطلوب الآن أن يتدخل صوت عاقل من داخل الدولة لتهدئة الأوضاع، بالمناسبة من الممكن بعد مشاهدة الفيلم أن أكتب رأيًا سلبيًا يتعلق بالحالة الفنية التى عليها الشريط السينمائى، ولكن هذا لا يعنى أن أرفض عرضه، أو أقف على الحياد ونحن نرى ما يحدث وانعكاسه، ليس فقط على حال السينما والفن، ولكن صورة مصر فى العالم.
ما الذى يعنيه أن يحصل فيلم- أكرر مهما كان مستواه- على توقيت عرض، ثم إرجاء العرض؟، ولهذا ننتظر تدخل صوت أعلى من داخل الوزارة.
حدث فى عام ٢٠٠٤ أن واجهت الرقابة مأزقين بسبب فيلمين، الأول كان الخوف الكامن لو عرض الفيلم (بحب السيما) لأسامة فوزى، فسوف يثير غضب الأقباط، بينما الثانى فيلم (آلام المسيح) لميل جيبسون سيثير عدم عرضه غضب كل المصريين.
نبدأ بـ(آلام المسيح)، قانون الرقابة صريح ومباشر ولا يحتمل اللبس، ممنوع تجسيد الأنبياء، وسيدنا عيسى فى الدين الإسلامى نبى مستحيل تجسيده، كما أن الإسلام ينكر فى آية صريحة تعذيب المسيح، وهكذا وجد الرقيب الراحل، د. مدكور ثابت، أنه لا يستطيع مخالفة القانون، وسوف يرفض عرض الفيلم، وتدخل الوزير الفنان فاروق حسنى، بالاتفاق مع رئيس المجلس الأعلى للثقافة وقتها، د. جابر عصفور، ضمن فاروق حسنى لدكتور جابر الحماية السياسية وأصدر جابر قرارًا بالعرض، وفى السينما كان عدد المحجبات اللواتى تبكين على تعذيب المسيح ضعف عدد غير المحجبات، ولم يعترض الأزهر.
وللمرة الثانية وفر الوزير فاروق حسنى غطاءً سياسيًا لجابر عصفور، عندما عجز مدكور ثابت عن الوصول لقرار بعرض فيلم (بحب السيما)، ارتكب مدكور خطأ استراتيجيا عندما شكل لجنة سباعية بها ستة من الأقباط، على أساس أنهم سوف يوافقون على العرض، ومن ثم سوف تتبدد بعدها مخاوف الأقباط، إلا أن قرار اللجنة كان هو الرفض، انتظارا للعرض على القيادات فى الطوائف المسيحية الثلاث الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت، ومؤكد لو حدث ذلك فلن يرى الفيلم النور حتى الآن، تدخل جابر عصفور بحماية سياسية من الوزير وشكل لجنة موسعة، لم يتم فيها اختيار أفرادها طبقا لخانة الديانة، ولكن بالمرونة فى تقبل الأفكار.
المزايدون الآن، وهم كُثر، يطالبون بعرض (الملحد) أولًا على الأزهر الشريف، وهكذا يصبح الفن تحت رحمة المؤسسة الدينية.
فى انتظار أن يتدخل الوزير اليوم قبل الغد!!.