بقلم : زاهي حواس
يعود تاريخ تأسيس المجمعة إلى نحو القرن التاسع الهجري؛ الخامس عشر الميلادي، حيث كانت تسمى بـ«بلدة منيخ»، نسبة للجبل الشهير، وسُميّت لاحقاً بالمجمعة؛ لأنها في موقع تتجمع فيه الأودية، ومن أهمها وادي المشقر وروافده؛ ولذلك كان تجمع المياه من أهم أسباب إقبال السكان عليها. وللمجمعة أهمية تاريخية بوصفها قاعدة إقليم سدير، الذي يُعد أقرب المناطق النجدية إلى العراق. ولذلك كانت حلقة وصل مهمة بين تجار العراق ونجد، فضلاً عن كونها الإقليم الفاصل بين اليمامة والقصيم وما وراءها، كما كانت محطة لبعض قوافل الحج العراقية التي تمر باليمامة؛ مما أكسبها أهميتين اقتصادية وسياسية كبيرتين.
وجاء تأسيس الدولة السعودية الأولى في الدرعية على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727م، وتم ضم المجمعة تحت لواء الدولة. ودخلت المجمعة وما حولها في حكم الدولة السعودية، وكان ذلك عاملاً رئيسياً في استقرارها السياسي والأمني، والازدهار الاقتصادي والحضاري؛ حيث برزت بوصفها مركزاً علمياً وتجارياً وعسكرياً مهماً في نجد، كما اشتهر العديد من أهالي المنطقة الذين ساهموا في القضاء، ونشر العلم، والمشاركة في حملات التوحيد وتأمين طرق الحج والتجارة.
وفي عام 1825م تمكن الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود من ترتيب الأوضاع، وتأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الجديدة الرياض. بعدها توجَّه الإمام تركي شمالاً ونزل بلدة ثادق قاعدة المحمل، بعدها كاتب بلدات سدير وطلب منهم الاجتماع؛ فقبلوا وبايعوه على السمع والطاعة؛ بسبب درايتهم بالاستقرار، الذي عاشته الجزيرة العربية في حكم أسلافه، وعادت المجمعة مرة أخرى في ظل حكم أئمة الدولة السعودية الثانية.
كان استرداد الرياض على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن عام 1901م، بداية تأسيس الدولة السعودية الثالثة، وفجراً جديداً لتاريخ الجزيرة العربية. أما المجمعة فكانت لها معالم تراثية هامة جداً، وأهمها البلدة التراثية في حرمة، وهي أقرب القرى التراثية للمجمعة، وتتميز المباني التراثية بالقرية بطراز عمراني جميل ومتناسق وتتكون من طابق أو اثنين بنيت بالطين. تم ترميم مجموعة من البيوت والمساجد، ومن أبرز المعالم التاريخية بها الجامع القديم، ومسجد باب البَرّ التاريخي والدراويز (البوابات القديمة)، ويقام بها العديد من الفعاليات، وهي متاحة للزوار على مدار العام.