بقلم : زاهي حواس
هناك الكثير من الإنجازات التي تحدث على أرض مصر، ومنها التي يقوم بها الأفراد والجمعيات الأهلية، بعد أن اعتدنا، ولزمن طويل، أن تقوم الحكومة بكل شىء، بينما نقف نحن في موقف المتفرج!. لقد سعدت وتشرفت بالدعوة التي تلقيتها، منذ أيام قليلة مضت، من الأستاذ المحترم عمر سرحان، مسؤول تنمية الموارد المالية بمستشفى بهية، الموجود في حى الشيخ زايد، وذلك لزيارة هذا الصرح الطبى، الذي لم أتخيل حتى وجوده. ذهبت إلى المستشفى، وبصحبتى مساعدتى، سارة الخولى. كان في استقبالى العديد من المسؤولين عن إدارة المؤسسة والمستشفى، وعلى رأسهم كل من الأستاذة رضوى قنصوة، مدير إدارة العلاقات العامة، ولمياء النعمية، رئيس قطاع تنمية الموارد البشرية، وفاطمة حسن، مسؤول أول علاقات عامة، والدكتور نبيل العجايبى، الإخصائى بالمستشفى. جلسنا جميعًا داخل قاعة عرضوا فيها قصة بناء مستشفى بهية، بالإضافة إلى عرض كل الإنجازات التي تمت في بناء هذا الصرح العظيم. وكان أول ما عرفته هو سبب تسمية المستشفى باسم بهية، والذى يعود إلى سيدة فاضلة تحمل هذا الاسم، وكانت تعانى مرض سرطان الثدى. ذكّرتنى قصة السيدة بهية بلقائى بشين باركر، أصغر شخص تولى رئاسة face book، وهو حاليًا من أصحاب المليارات، ويمتلك واحدًا من أجمل قصور لوس أنجلوس. وكنت قد عرفت من الأمير سلطان بن سلمان، الذي حضر معى العشاء الذي نظمه «باركر»، أنه- أي شين باركر- يتبرع سنويًّا بحوالى ٦٠ مليون دولار لمرضى السرطان لأن أباه تُوفى بهذا المرض. كان للسيدة بهية رحلة طويلة مع المرض اللعين، الذي جعلها تسافر إلى مراكز عالمية متخصصة في العلاج لإجراء فحوصات وأشعة وتحاليل لم تكن متوفرة في ذلك الوقت في مصر. ومن رحلة المعاناة والألم كانت بداية حلم هذه السيدة العظيمة لتوفير كل ما تحتاجه أي سيدة مصرية تُبتلى بهذا المرض، ولا تستطيع تحمل تكاليف العلاج أو السفر إلى الخارج، كان حلمها هو فتح طاقة أمل في الشفاء من هذا المرض. أدركت السيدة بهية ضرورة إقامة مؤسسة لعمل مستشفى لعلاج مريضات سرطان الثدى، وتخفيف عبء ثقيل على النساء. لم يمهلها القدَر الوقت الكافى لبدء تنفيذ ذلك الحلم النبيل، لذلك كانت وصيتها الوحيدة لأولادها هي تحويل هذا الحلم إلى واقع. وبالفعل تم تفعيل الوصية من خلال إنشاء مؤسسة بهية، التي فتحت أول فرع لها بالهرم وآخر بالشيخ زايد.
بدأت جولتى بالمستشفى لأرى بعينى ما تم تنفيذه بالمستشفى، الذي لا أغالى إذا قلت إنه يتساوى أو يفوق أرقى المؤسسات الطبية العالمية المتخصصة في علاج أورام الثدى. هذا الصرح الطبى هو بحق إنجاز تحتاجه سيدات مصر، وأتمنى البدء من الآن في تنفيذ صرح آخر توأم له في صعيد مصر. نسيت أن أقول إن مستشفى بهية يقدم خدماته كاملة بالمجان، لذلك وجب على كل المصريين الإسهام في استمرار هذا المستشفى في العمل والإبداع للتخفيف عن نساء مصر، بل العالم العربى، ممن يثقن في العلاج والطب في مصر أكثر من أي مكان آخر بالعالم.
وفى المستشفى قابلت مجموعة من السيدات والفتيات يطلق عليهن اسم المحاربات لأنهن حاربن المرض وانتصرن عليه. وقالت لى واحدة من المحاربات: «بهية دى مش مجرد مستشفى! دى عيلة حقيقية مسابتنيش في محنتى ومرضى، بهية هي اللى اعتنت بيّا أكتر من عيلتى». وقالت أخرى: «الدكتور اللى كان بيدينى الأدوية والكيماوى كان بيبوس على راسى!، ويقولى: أنا آسف يا أمى.. حقك عليّا».
من أعظم ما يقوم به العاملون بـ«بهية» أنهم يطوفون بكل محافظات مصر، ويدخلون القرى والنجوع النائية لعمل ندوات توعية لسيدات مصر لأن اكتشاف المرض في البداية يساعد على الشفاء منه بسرعة، وهم يؤمنون بأن الدعم النفسى مهم جدًّا للمرضى بشكل عام، لذا فهم يقومون بعمل رحلات ترفيه واحتفالات وتقديم مساعدات وهدايا لكل المحاربات. ويوجد لديهم بوتيك جميل يقدمون منه هدايا جميلة بالمجان.
وأجمل ما عرفت منهم أن نسبة الشفاء من مرض سرطان الثدى وصلت إلى ٩٨٪، وهذه نسبة رائعة جدًّا تعطى الكثير من الأمل للمريضات.
وبالمصادفة، علمت من القائمين على مؤسسة بهية أن هناك العديد من الشخصيات العامة الداعمة لمؤسسة ومستشفى بهية، منهم صديقى محمد أبوالعينين، نائب رئيس مجلس الشعب، والذى أجد اسمه دائمًا يتردد في كل مكان يقدم فيه عمل من أعمال الخير، وهو دائمًا من السباقين لعمل الخير، ويحظى بحب واحترام وتقدير كل المصريين. لم أكن أول مَن يزور هذا الصرح الجميل، بل هناك العديد من الشخصيات العامة التي زارت المكان، ومنهم ميسرة خطاب وأشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، ونبيلة مكرم، وزيرة الهجرة السابقة، وكذلك نجوم كرة القدم، مثل أحمد حسام ميدو وحازم إمام. في نهاية زيارتى سجلت كلمة كتبت فيها: «لقد اهتم الفراعنة بالمرأة منذ خمسة آلاف عام لأنهم وجدوا فيها إيزيس الزوجة، التي بكت على مقتل زوجها أوزير، وجمعت أشلاءه لدفنها، ورَعَت ابنها حورس، وكافحت لتعطيه ملك أبيه من عمه الشرير ست؛ كانت دموع إيزيس هي التي أجرت مياه النيل في العقيدة المصرية القديمة، ولذلك لولا المرأة لما ظهرت مصر».
متاحفنا الجديدة
أعظم مشروع ثقافى في القرن الواحد والعشرين هو المتحف المصرى الكبير؛ ليس في مصر فقط، بل في العالم كله، ولذلك تجد الفنان العظيم فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، ومعه كاتب هذه السطور دائمًا ما نعتز بكوننا مَن بدأنا بناء هذا المتحف. تعود فكرة بناء المتحف إلى الفنان فاروق حسنى، الذي كان يتولى الإشراف بنفسه على كل تفصيلة من المشروع، الذي ينتظر العالم كله يوم افتتاحه، لذلك يجب أن نستعد بقوة لهذا الحدث، ويجب أن تستمر فعاليات الافتتاح لأكثر من عشرة أيام. هذا المتحف يضم متحفًا للأطفال ومتحفًا آخر يضم مركب خوفو، الذي نُقل من جنوب هرم خوفو إلى المتحف المصرى الكبير. وهنا أقول كلمة حق إن اللواء مهندس عاطف مفتاح، المشرف على تنفيذ المشروع، استطاع أن ينقل المركب دون أن يحدث به أي خدش!، وكنا جميعًا نضع أيدينا على قلوبنا أثناء عمليات النقل المعقدة. ولذلك فكل الشكر للواء عاطف مفتاح. هذا، وسوف يُعرض بجوار المركب الأول المركب الثانى، الذي يقوم بترميمه فريق مصرى يابانى مشترك، يعمل منذ حوالى ١٢ عامًا. ومن المنتظر أن ينتهى الترميم خلال السنوات الثلاث القادمة. وسوف يدخل الزائر المتحف من أسفل مسلة ليقابله الملك العظيم رمسيس الثانى، وإلى جواره عمود ابنه الملك مرنبتاح بنقوشة البديعة، وتمثال للنيل. وبعد ذلك يصعد الزائر الدرج العظيم، الذي تُعرض عليه تماثيل ملوك وملكات مصر، ترحب بالزائرين. أما المتحف فتوجد به قاعتان لعرض أكثر من خمسة آلاف قطعة للملك توت عنخ آمون، وثلاث قاعات أخرى لعرض ما يقرب من ٦٠ ألف قطعة أثرية تحكى تاريخ مصر.
وخلال سفرياتى للعديد من دول العالم، أجد أن السؤال الذي لدى كل عشاق مصر هو متى سوف يتم افتتاح المتحف المصرى الكبير؟، وهناك إعلاميون من كل مكان بالعالم ينتظرون هذا اليوم، لذلك يجب ألا نفاجأ بالإعلان عن ميعاد قريب للافتتاح!!، وقد طلبت من الصديق الوزير أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، ضرورة الإعلان عن موعد الافتتاح قبله بوقت كافٍ، بحيث نعطى فرصة لكل مَن يريد زيارة المتحف والحضور وقت الافتتاح لعمل الترتيبات اللازمة.
دعانى الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إلى زيارة متحف قناة السويس، الذي أشرف على إعداده من ناحية العرض المتحفى واختيار القطع الأثرية التي تُعرض به الدكتور محمود مبروك، الذي يُعتبر المتخصص الوحيد في مصر في العرض المتحفى. وقد انتهى من المتحف اليونانى والرومانى، الذي افتتحه د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وقد وجدت أن الفريق أسامة ربيع يهتم بهذا المتحف اهتمامًا خاصًّا، ويعطى له أولوية كبيرة، ولذلك فأنا أستطيع الآن أن أقدم لكم المتحف، الذي سوف يكون مفاجأة كبيرة، حيث يعنى المتحف بتوثيق وتسجيل اهتمام مصر بقناة السويس منذ أن فكر الفراعنة في ربط البحر الأحمر بالمتوسط وإلى يومنا.
المتحف سوف يكون جاهزًا لكى يأتى له السائحون من كل مكان، وقد انبهرت حقًّا بحجم التطوير والإنجازات، التي تقوم بها هيئة قناة السويس العظيمة، والتى يشرف عليها رجل هادئ شديد الحزم والانضباط، هو الفريق أسامة ربيع، الذي يقود كتيبة من المقاتلين لتسيير حركة النقل والتجارة في المجرى الملاحى، الذي لا مثيل له في العالم كله. وقد شاهدت أيضًا ما تقدمه الهيئة للذين يحضرون إلى مصر للسياحة. إن افتتاح متحف قناة السويس هو إضافة جديدة لمتاحفنا المصرية، وسوف يخلق سوقًا سياحية جديدة، لأول مرة، بمدينة الإسماعيلية، وسوف نشاهد جرأة في العرض وفى اختيار القطع الأثرية وسيناريو العرض، الذي أعطى الحق لمَن يستحقه... شكرًا للرجل العظيم، الذي يخدم بلده بكل حب وإخلاص.. شكرًا للفريق أسامة ربيع.