رحاب أصيلة المتجددة

رحاب أصيلة المتجددة

رحاب أصيلة المتجددة

 عمان اليوم -

رحاب أصيلة المتجددة

بقلم : عبد الرحمن شلقم

منارة الفكر العربي والإنساني، في مدينة أصيلة المغربية، لها ضوء تهفو إليه العقول العربية والأفريقية. منتدى دخل عامه الخامس والأربعين، وفي كل عام يزداد شباباً، وتلتقي فيه نخبة واسعة من السياسيين والمفكرين والمثقفين من كل الأقطار العربية. الأخ والزميل الوزير محمد بن عيسى، وزير الثقافة والخارجية المغربي الأسبق، جعل من مدينة أصيلة، مدينة للتاريخ وللجغرافيا والفكر والثقافة. هو عميدها على مدى أربعة عقود. تطل على دنيا الأندلس التي تنعشها موجات البحر الأبيض المتوسط، وعلى المحيط الأطلسي الهادر. غيَّرت السنون الكثير من مجريات الحياة في الكثير من بقاع الأرض، لكن المغرب أبدع خطاه نحو آفاق النهضة والنمو، بقوة العقل والحرية والحكمة والديمقراطية. «منتدى أصيلة» مَعلم فريد في هذا الزمن الذي هزّته الاضطرابات والصراع، منبر للفكر الحر، ومائدة يتحلق حولها المتفقون والمختلفون، من دون إشارات مرور. انطلقت نشاطات المنتدى لهذا العام في 21 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمشاركة مفكرين وسياسيين عرب من دولة المغرب، والإمارات العربية المتحدة، وسوريا، والأردن، وليبيا ولبنان. محاور حلقات الندوة امتازت بالواقعية والموضوعية، وفي الوقت ذاته كان الاختلاف في وجهات النظر، يضيف الكثير إلى ما يُطرح، عبر النقاش. رحاب أصيلة الممتدة في الزمان والجغرافيا، يهبها المكان نسمات مودة، ونفحات صداقة، والحضور الفريد للمؤسس والراعي، الوزير العميد محمد بن عيسى، يرسم خريطة تجمع الأصدقاء والزملاء القدامى، حول مائدة الإجماع على ما يعيشه العرب على امتداد عالمه من تحديات وطموحات.

الإسلام السياسي في صعوده وانحساره. كان موضوع الجلسة الافتتاحية. شارك فيها نخبة من السياسيين والمفكرين من ستة بلدان عربية. جرى استعراض ما شهدته بعض الدول من صعود أو هبوط للأحزاب الإسلامية. تجربة المغرب والأردن ومصر، شكَّلت محوراً أضفى على الجلسة كثافة وعمقاً وصراحة علمية، شخّصت الواقع السياسي ومحركاته، والقراءة التي طافت في الحقب التاريخية، والفقه والتفاسير والفهم، للظاهرة السياسية الإسلامية. هذه الدول العربية الثلاث، عاشت تجارب حية مع الإسلام السياسي، عبر أحزاب إسلامية، وحكم عليها الواقع من خلال منتجاتها على أرض التجربة العملية.

«الحركات الدينية والحقل السياسي... أي مصير؟». هذا العنوان يحفّز الفكر لتوليد أسئلة تعبر الماضي في مختلف تجلياته، وصيرورة الفهم الذي تبنى عليه التنظيمات السياسية، ومنجزاتها في مسارات الحياة، ومدى استجابتها لإكراهات الواقع في التنمية والتطور وتحقيق الحرية والعدالة. العنف الذي رافق بعض التنظيمات الدينية، وقاد إلى الإرهاب وانعكاساته على السلم الاجتماعي، وصورة الإسلام والمسلمين في العالم. كانت المداخلات غنية؛ إذ شارك فيها مفكرون، لهم إسهاماتهم في الدراسات الأكاديمية الإسلامية، وسياسيون تقلَّدوا مناصب سياسية، وشخصيات ارتبطت بتنظيمات حزبية إسلامية. هذا الموسم الثقافي الخامس والأربعون لـ«منتدى أصيلة»، له خصوصية متميزة. أدخل إلى مشرحة الفكر قضية لها تأثيرها في مجتمعاتنا العربية. الدين الإسلامي له حضور متأصل وفاعل، ويشكّل حافزاً ودافعاً قوياً لتحقيق النهوض والتقدم. لكن الفهم والتفسير النفعي، لاستعمال الدين مطية للسلطة، والجنوح للعنف والإرهاب والتكفير، يحوّل الدين ثقلاً يدفع المجتمع إلى الانقسام والصدام والفتنة الطائفية المتعصبة باسم الدين، التي تشعل نار العداوة بين المسلمين، وتقطع حبل الاعتصام بين أبناء الأمة.

نرى اليوم الشعوب الأوروبية المنضوية في اتحادها الفيدرالي، الذي يضم الأرثوذكس والبروتستانت والكاثوليك، يجتمعون في برلمان واحد، ولهم مصرف مركزي أوروبي، ويتمتع مواطنوهم بالحريات الأربع. شعوب تحاربت في معارك دامية، قُتل فيها الملايين، لكن العقل والعلم، طوى ما كان من عداوة. لم يعد للمذاهب والطائفية وجود بين البشر الذين خلعوا، رداء الجهل والتطرف والطائفية والاختلاف المذهبي. ما نراه ونسمعه اليوم، من استحضار لغبار الماضي السحيق، ليكون متفجرات تذكي نيران العداوة بين أبناء الشعب الواحد، تحت شعارات طائفية، ما أنزل الله بها من سلطان، إنما هي صوت للجهل بالدين.

«منتدى أصيلة» محفل للوعي، يدق نواقيس اليقظة، بقوة الحوار الموضوعي العلمي الصريح. المشاركون في دورة أصيلة الخريفية التي انتظمت في شهر أكتوبر الماضي، جمعوا بين العلم والعمل، وقدَّموا نموذجاً لفاعلية الاختلاف والاتفاق، بعيداً عن الانزياح لمذهب أو تنظيم حزبي أو مصلحة قُطرية.

هذا العالم الذي نعيش فيه اليوم، يعجّ بمراكز البحوث، التي تفكك أمهات القضايا، وتعقد نخبها الندوات لدراسة ومناقشة القضايا التي تواجهها شعوبها، وتقترح الوصفات التي تحقق النهوض والتقدم.

نأمل أن تستمر أصيلة الأصيلة، ملتقى للعقول العربية من مشارقها ومغاربها، تغوص في قضايا الأمة، وما أكثرها، وأن تتجدد اللقاءات الفكرية في رحابها الأندلسية.

 

omantoday

GMT 20:20 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض في مواجهة اليوم التالي

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مفكرة القرية: الطبيب الأول

GMT 20:18 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

نكسة الإعلام الأميركي

GMT 20:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 20:16 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أفول الأوبامية: النخب المتعالية ودرس الانتخابات

GMT 20:16 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب وسياسة الطاقة الأميركية

GMT 20:15 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض... الطريق للدولة الفلسطينية

GMT 20:14 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الدلالات العميقة لفوز دونالد ترمب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحاب أصيلة المتجددة رحاب أصيلة المتجددة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:22 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 عمان اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 20:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
 عمان اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab