أميركا 2024 المناظرة والاقتراع والغياب العربي

أميركا 2024: المناظرة والاقتراع... والغياب العربي!

أميركا 2024: المناظرة والاقتراع... والغياب العربي!

 عمان اليوم -

أميركا 2024 المناظرة والاقتراع والغياب العربي

بقلم : إياد أبو شقرا

غطّت المناظرة الرئاسية بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين، الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس، خلال الأسبوع المنصرم في السباق إلى البيت الأبيض، على كل ما عداها.

المناظرة، استضافتها مدينة فيلادلفيا «مهد الاستقلال الأميركي»، وكانت منتظرة باهتمام بين المرشح الجمهوري والمرشحة الديمقراطية، التي أطلّت على الأميركيين لأول مرة بهذه الصفة في أعقاب انسحاب الرئيس جو بايدن، واختيارها بديلاً له. ومعروف أنَّ انسحاب بايدن جاء بعد مناظرته الأولى والأخيرة... الكارثية في هذه الحملة.

وفي حين كانَ السوادُ الأعظمُ من مناصري ترمب يأملون أن يتابع ما بدأه مع الرئيس المنسحب، كان الآخرون منقسمين بين ديمقراطيين طامحين إلى بداية ديناميكية جديدة تزيل «كابوس» المناظرة الأولى، وناخب غير متحزّب يزعم أنه «متردّد»، لأنَّه «لا يعرف ما فيه الكفاية» عن هاريس.

شخصياً، أزعم أن مسألة «التردّد» تمويهٌ مقصودٌ في غالبية الحالات، والعديد من المحلّلين لا تخدعهم هذه المسألة أبداً.

صحيح أنَّ قطاعاتٍ واسعةً جداً من الشارع الأميركي غير مُلتزمة آيديولوجياً، لكن الصحيح أيضاً أنَّ التناقض بين ترمب وهاريس ضخم إلى درجة يلغي معها أي مساحة للتردّد. وحتى إذا لم يكن لهذا أو ذاك من الناخبين الإلمام الكامل بخلفيات المرشحين وبرامجهما، فإنَّ التناقض الهائل بينهما على أصعدة المبادئ والأولويات والطروحات... لا بد أن يدفع أي ناخب عاقل إلى التصويت «ضد» أحدهما... إن لم يكن لصالحه أو صالحها.

هذا الأمر في الديمقراطيات الغربية يُسمى «التصويت التكتيكي»، حيث يقترع الناخب «وقائياً» ضد المرشح الذي يكرهه أو يرفضه... من دون أن يكون متبنياً تماماً مواقف منافسه... بكلام آخر، التصويت «ضد» لا التصويت «مع».

في معظم الأنظمة في أوروبا الغربية، التي هي أنظمة ديمقراطية برلمانية السلطة التنفيذية فيها بيد الحكومة ورئيسها لا رئيس الجمهورية، «التصويت التكتيكي» ظاهرةٌ مألوفةٌ ومحسوبٌ حسابُها. بل حتى في فرنسا، في ظلّ نظامِها الرئاسي كأميركا، لا بدَّ للرئيس أن يحظى بأصوات أكثر من نصف الناخبين. وهذا ما حصل مع جلّ الانتخابات الرئاسية إبَّان عهد «الجمهورية الخامسة» التي أسسها شارل ديغول في خمسينات القرن الماضي، التي حسمت بعد «جولة إعادة» انتخابية بين المرشحين اللذين تصدّرا قائمة الأصوات في الجولة الأولى. أما عن الانتخابات البرلمانية في الديمقراطيات الغربية، فهنا أيضاً، حيث لا تُعتمد الدائرة الفردية، يُعتمد «التمثيل النسبي» أو «جولة الإعادة» بتصويتها التكتيكي.

هذا العام، في الانتخابات الأميركية، الاختلاف بين مواقف المرشحين المتنافسين لا لبس فيه، فهي مواقف واضحة وقاطعة، بل فاقعة تماماً. لهذا أرى أمرين:

الأول، أنَّ قاعدة ترمب، المؤمنة إيماناً مطلقاً بـ«رسالته» أو «مهمته الإلهية»، صلبة ومتماسكة إلى درجة لا تؤثر فيها أي سقطة. وهو عند مناصريه المتحمسين «معصوم» كلَّفه الله بإنقاذ أميركا و«استعادة عظمتها».

الثاني، أنَّ قاعدة الديمقراطيين أكثرُ تنوّعاً وتشككاً، وأقلُّ التزاماً. ولهذا فهي معرضة أكثر للتأثر بالمتغيرات الداخلية والخارجية، مطلبية كانت أم سياسية.

وعليه، مع أنَّ استطلاعات الرأي التي تلت مناظرة فيلادلفيا أعطت هاريس أفضليةً على ترمب، فإنَّ الأرقام إمَّا تقع ضمن هامش الخطأ الإحصائي، أو لا تَصدُق على التوزُّع الجغرافي. ثم إنَّ العديد من المكوّنات السكانية... النساء، دعاة حرية الإجهاض، السود، المسلمين، اليهود والكاثوليك وغيرهم، قد تتناقض أولوياتها ضمن المعسكر السياسي الواحد الذي يجمعها... كحال الكاثوليك ودعاة حرية الإجهاض.

هذه المرة، المسلمون يشكّلون أحد المكوّنات «الحساسة» – وربما «المؤثرة» – التي يرصد المحللون الانتخابيون سلوكها بدقة، ولا سيما، أمام خلفية «الحرب على غزة». والمهم في أمر الناخب المسلم، لا شكَّ، هو مكان حضوره الانتخابي، لا سيما، في الولايات المتأرجحة أو المحورية. في ولاية ميشيغان، خاصةً، حضور إسلامي وعربي قديم قدم نهضتِها الصناعية. وكذلك الصوت المسلم في مدن ولايات بنسلفانيا وويسكونسن ونورث كارولاينا وفيرجينيا (بما فيها ضواحي العاصمة واشنطن).

في عددٍ من هذه الولايات قد تُحسَم المعركة بفوارقَ بسيطةٍ تحسب بألوف قليلة من أصوات المقترعين. ولقد كان أحدث تطوّر خلال الأيام القليلة الماضية قرار إحدى المنظمات الإسلامية، «مجلس الشؤون العامة للمسلمين الأميركيين»، أن «تعلن بفخر» تأييدها المرشحة اليسارية المستقلة جيل شتاين (!). وكأنَّ هذا الموقف لا يكفي للشعور بالصدمة، فقد أفادت استطلاعات أخيراً بأنَّ نسبة المسلمين الذين أعلنوا تأييدهم لشتاين تجاوزت الآن عددَ الذين ينوون التصويت للمرشحة الديمقراطية. طبعاً، لا حاجة للتذكير بأنَّ فرصة شتاين بالفوز منعدمة. وبالتالي، لن يكون التصويت لها سوى اعتراضٍ فارغ سيؤذي مستقبلاً الدورَ السياسي للمسلمين داخل الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي.

أكثر من هذا، فإنَّ هذه السلبية الساذجة والمؤذية... تأتي نقيضاً صارخاً لسلوكيات «اللوبيات الإسرائيلية» الذكية في كل مكان، حيث تجيد انتهازَ كلّ الفرص لإحداث اختراقات مؤثرة، ليس فقط داخل حزبي السلطة في الولايات المتحدة، بل كلّ الأحزاب الكبرى في العالم الغربي.

وهكذا بينما يتفنَّنُ المسلمون والعربُ في تهميش أنفسهم، والتلهّي بتسجيل المواقف الطفولية، يعمل خصومهم بصمت وكياسة على ترسيخ حضورهم وتوسيع استثمارهم في كل حركة سياسية، يمينية كانت أم يسارية، يمكن الاستفادة منها... إن لم يكن اليوم ففي الغد.

لقد عرفنا أميركا من كثب منذ أكثر من قرن ونصف القرن... ولم نتعلم. وعرفنا إسرائيل منذ ثلاثة أرباع القرن... وأيضاً لم نتعلم.

وعرفنا طبيعة العلاقة الأميركية - الإسرائيلية منذ 1967... ومع هذا لم تتبلور لدينا استراتيجية للتعامل معها، ولو دفاعاً عن أنفسنا!

 

omantoday

GMT 08:52 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وماذا بعد قتل السنوار؟!

GMT 08:51 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

«لو كان... رجلاً لقتلته»

GMT 08:50 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

ذاكرة لأسفارنا الأليمة

GMT 08:48 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

التفاؤل بالمستقبل.. ممكن؟ (٢)

GMT 08:47 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

ما العمل؟

GMT 08:46 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

كما يقول أهل القانون

GMT 08:45 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل أفقدت العالم شرفه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا 2024 المناظرة والاقتراع والغياب العربي أميركا 2024 المناظرة والاقتراع والغياب العربي



النجمات يتألقن في فساتين سهرة ذات تصاميم ملهمة لموسم الخريف

مسقط - عمان اليوم

GMT 08:27 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

اختبار جديد بالليزر يكشف عن الخرف بمختلف أنواعه في ثوان
 عمان اليوم - اختبار جديد بالليزر يكشف عن الخرف بمختلف أنواعه في ثوان

GMT 08:30 2024 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض
 عمان اليوم - العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض

GMT 07:53 2024 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

ساعات النوم التي تحصل عليها ليلاً تؤثر على نشاطك ومزاجك

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab